بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْعَادِيَاتِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ شَاهِدٌ عَلَى كُنُودِ نَفْسِهِ، أَيْ مُبَالَغَتِهِ فِي الْكُفْرِ.

وَقَدْ جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [18 \ 104] ، وَقَوْلِهِ: وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [43 \ 37] ، وَقَوْلِهِ: وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [39 \ 47] .

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ شَهَادَةَ الْإِنْسَانِ بِأَنَّهُ كَنُودٌ، هِيَ شَهَادَةُ حَالِهِ بِظُهُورِ كُنُودِهِ، وَالْحَالُ رُبَّمَا تَكْفِي عَنِ الْمَقَالِ.

الثَّانِي: أَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ [6 \ 130] ، وَقَوْلُهُ: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ [67 \ 11] ، وَقَوْلُهُ: قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ [39 \ 71] .

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ، رَاجِعٌ إِلَى رَبِّ الْإِنْسَانِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ، وَلَكِنَّ رُجُوعَهُ إِلَى الْإِنْسَانِ أَظْهَرُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [100 \ 8] .

وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015