بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى.
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ الْتَزَمَ عَلَى نَفْسِهِ الْهُدَى لِلْخَلْقِ مَعَ أَنَّهُ جَاءَتْ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ هُدَاهُ لِبَعْضِ النَّاسِ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [5 \ 108] .
وَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [2 \ 258] .
وَقَوْلِهِ: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا الْآيَةَ [3 \ 86] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَالْجَوَابُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْهُدَى يُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْءَانِ خَاصًّا وَعَامًّا، فَالْمُثْبَتُ الْعَامُّ وَالْمَنْفِيُّ الْخَاصُّ وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْنَا وَعَلَى طَاعَتِنَا هُوَ الْهُدَى لَا الضَّلَالُ، وَقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْهُدَى وَصَلَ إِلَى اللَّهِ، فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ أَصْلًا.