مِنْ ضَرُورَةِ
الشِّعْرِ، لِتَصْرِيحِ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ بِأَنَّ إِشْبَاعَ الْحَرَكَةِ بِحَرْفٍ يُنَاسِبُهَا أُسْلُوبٌ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ مَسْمُوعٌ فِي النَّثْرِ كَقَوْلِهِمْ: كَلْكَالٌ، وَخَاتَامٌ، وَدَانَاقٌ، يَعْنُونَ: كَلْكَلًا وَخَاتَمًا وَدَانَقًا.
وَمِثْلُهُ فِي إِشْبَاعِ الضَّمَّةِ بِالْوَاوِ، وَقَوْلُهُمْ: بُرْقُوعٌ وَمُعْلُوقٌ، يَعْنُونَ: بُرْقُعًا وَمُعَلَّقًا.
وَمِثَالُ إِشْبَاعِ الْكَسْرَةِ بِالْيَاءِ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ:
أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالْأَنْبَاءُ تَنْمِي ... بِمَا لَاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادٍ
فَالْأَصْلُ يَأْتِكَ لِمَكَانِ الْجَازِمِ، وَأَنْشَدَ لَهُ الْفَرَّاءُ:
لَا عَهْدَ لِي بِنِيضَالِ ... أَصْبَحْتُ كَالشَّنِّ الْبَالِ
وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كَأَنِّي بِفَتْخَاءِ الْجَنَاحَيْنِ لَقْوَةٍ ... عَلَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمَالِي
وَيُرْوَى: " صَيُودٍ مِنَ الْعِقْبَانِ طَأْطَأْنَ شِيمَالِي ".
وَيُرْوَى " دَفُوفٍ مِنَ الْعِقْبَانِ ". إلخ.
وَيُرْوَى " شِمْلَالِ " بَدَلَ شِيمَالِ "، وَعَلَيْهِ فَلَا شَاهِدَ فِي الْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّ رِوَايَةَ الْيَاءِ مَشْهُورَةٌ. وَمِثَالُ إِشْبَاعِ الضَّمَّةِ بِالْوَاوِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
هَجَوْتُ زَبَّانَ ثُمَّ جِئْتُ مُعْتَذِرًا ... مِنْ هَجْوِ زَبَّانَ لَمْ تَهْجُ وَلَمْ تَدَعِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
اللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّا فِي تَلَفُّتِنَا ... يَوْمَ الْفِرَاقِ إِلَى إِخْوَانِنَا صُوَرُ
وَإِنَّنِي حَيْثُمَا يَثْنِي الْهَوَى بَصَرِي ... مِنْ حَيْثُمَا سَلَكُوا أَدْنُو فَأَنْظُورُ