بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ الْآيَةَ.

هَذَا الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ حَقٌّ لِأَنَّ رِسَالَةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهَا، وَقَدْ كَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [63] . مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ [63] ، كَأَنَّهُ تَصْدِيقٌ لَهُمْ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ تَكْذِيبَهُ تَعَالَى لَهُمْ مُنْصَبٌّ عَلَى إِسْنَادِهِمُ الشَّهَادَةَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ: «نَشْهَدُ» ، وَهُمْ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَا يَشْهَدُونَ بِرِسَالَتِهِ، بَلْ يَعْتَقِدُونَ عَدَمَهَا، أَوْ يَشُكُّونَ فِيهِ، كَمَا يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ - إِلَى قَوْلِهِ - وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [2 13] .

وَيَدُلُّ لِلثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [9 \ 45] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ الْآيَةَ.

ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لِلْمُنَافِقِينَ مُطْلَقًا، وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ تُوهِمُ الطَّمَعَ فِي غُفْرَانِهِ لَهُمْ إِذَا اسْتَغْفَرَ لَهُمْ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ [9 80] .

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ هِيَ الْأَخِيرَةُ بَيَّنَتْ أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ فِي الْبَاطِنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015