بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ.
لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [29 \ 13] ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ «النَّحْلِ» ، فَأَثْقَالُهُمْ أَوْزَارُ ضَلَالِهِمْ، وَالْأَثْقَالُ الَّتِي مَعَهَا أَوْزَارُ إِضْلَالِهِمْ وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ أَوْزَارِ أَتْبَاعِهِمُ الضَّالِّينَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فِي خُصُوصِ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي سُورَةِ «الْحَدِيدِ» مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاكِ نُوحٍ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ [57 \ 26] .
وَالْجَوَابُ أَنَّ وَجْهَ الِاقْتِصَارِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أَنَّ جَمِيعَ الرُّسُلِ بَعْدَهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَذُكِرَ نُوحٌ مَعَهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ: كَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَيُونُسَ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، لِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَانَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ لَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ فِي عَصْرِهِ، كَلُوطٍ عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.