بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا حَتَّى يُنْذِرَهُ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [4 \ 165] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ الْآيَةَ [20 \ 134] .
وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ [6 \ 131] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَيُؤَيِّدُهُ تَصْرِيحُهُ تَعَالَى بِأَنَّ كُلَّ أَفْوَاجِ أَهْلِ النَّارِ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا الْآيَةَ [67 \ 8 - 9] .
وَمَعْلُومٌ أَنْ «كُلَّمَا» صِيغَةُ عُمُومٍ وَنَظِيرُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا - إِلَى قَوْلِهِ - قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ [39 \ 71] .
فَقَوْلُهُ: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَعُمُّ كُلَّ كَافِرٍ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، مِنْ أَنَّ الْمَوْصُولَاتِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ لِعُمُومِهَا كُلَّمَا تَشْمَلُهُ صِلَاتُهَا، كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ:
صِيغَةُ كُلٍّ أَوِ الْجَمِيعِ ... وَقَدْ تَلَا الَّذِي الَّتِي الْفُرُوعُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «وَقَدْ تَلَا الَّذِي إلخ. . .» أَنَّ الَّذِي وَالَّتِي وَفُرُوعَهَا صِيَغُ عُمُومٍ كَكُلٍّ وَجَمِيعٍ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا - إِلَى قَوْلِهِ - وَجَاءَكُمُ