بِأَنَّ إِثْمَهَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [2 \ 219] ، فَشَرِبَهَا بَعْدَ نُزُولِهَا قَوْمٌ لِلْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ وَتَرَكَهَا آخَرُونَ لِلْإِثْمِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنَ الْمَنَافِعِ.
الثَّالِثَةُ: الْآيَةُ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِهَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ الْآيَةَ [4 \ 43] .
الرَّابِعَةُ: الْآيَةُ الَّتِي حَرَّمَتْهَا تَحْرِيمًا بَاتًّا مُطْلَقًا وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ - إِلَى قَوْلِهِ - فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [5 \ 90 - 91] ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّكَرَ الطَّعْمُ، كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ أَوْ أَنَّهُ الْخَلُّ، فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَنَظِيرُهَا الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [15 \ 42] .
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ سُلْطَانِهِ عَلَيْهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ الْآيَةَ [34 \ 20 - 21] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْهُ مُقَرِّرًا لَهُ: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ الْآيَةَ [14 \ 22] .
وَالْجَوَابُ هُوَ أَنَّ السُّلْطَانَ الَّذِي أَثْبَتَهُ لَهُ عَلَيْهِمْ غَيْرَ السُّلْطَانِ الَّذِي نَفَاهُ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ السُّلْطَانَ الْمُثْبَتَ لَهُ هُوَ سُلْطَانُ إِضْلَالِهِ لَهُمْ بِتَزْيِينِهِ، وَالسُّلْطَانَ الْمَنْفِيَّ هُوَ سُلْطَانُ الْحُجَّةِ فَلَمْ يَكُنْ لِإِبْلِيسَ عَلَيْهِمْ مِنْ حُجَّةٍ يَتَسَلَّطُ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُ