إن شرف الدفاع عن كتاب الله، وعن سنة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يدانيه أي [شَرَفٍ]، والشيء يشرف بشرف موضوعه، وكلام الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - هو أشرف الكلام، وكلام رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو أشرف الكلام بعد كلام الله. إن هذا الشرف لا يدانيه شرف من نسب، أو جاه، أو مال، ولو كان مال قارون، أو منصب إمارة، أو وزارة. إن هذه كلها ما هي إلا أعراض زائلة، وفانية، أما المنافحة عن كتاب الله وعن سنة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو أمر باق دائم، ومن أعظم السبل الموصلة إلى الجنة
وأرجو أن تعوا ذلك يا أهل العلم بعامة ويا أهل الحديث بخاصة، إن المنافحة عن كتاب الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وعن سنة رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هي نوع من أنواع الجهاد، كما صدع بذلك الصادق المصدوق - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حينما قال: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ويدخل في جهاد الكفار بالألسنة الجهاد بالقلم: بالكتاب أو بالمقال، أَلاَ أَشَدَّ حَاجَتِنَا [مَعَاشِرَ] المسلمين في هذا العصر الذي تقوم فيه المجاهدة بالكتاب وبالمقال مقام القتال بالنفس، وبذل المال، والذي تكالبت فيه على المسلمين عوامل الشر والإفناء، والذي أصبح التصارع فيه بالكلمة حتى أصبح لها شأن وأي شأن عن طريق الصحافة حِينًا، وعن طريق المذياع حِينًا آخر، وعن طريق التلفاز حِينًا ثَالِثًا.
[13] إن من أعجب العجب أن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يزالان من القوة والثبوت وَالحَقِّيَّةِ وَالصَّلاَبَةِ التي تكسرت عليها شبه المبلسين وأباطيل المبطلين وتأويلات الجاهلين، كما كانا من منذ أربعة عشر قرنًا، لم يعترهما شيء من الضعف أو الوهن، أو الرخاوة، وذلك لأن القرآن حق نزل من عند الحق، والسنة النبوية حق أَوْحَى بِهَا اللهُ الحق، والرسول الذي جاء بهما من عند الله حق ومحال في منطق العقل والشرع أن يتخلى الله الحق عن رسوله الحق، وعن كتابه الحق، وعن سنة نبيه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحقة وقد لاحظ ذلك أحد المستشرقين الإيطاليين وهو الأستاذ " كارادي