عراق - لوجد أن العلماء انتبهوا غاية الانتباه إلى أحاديث الفضائل في الأشخاص، والأمكنة، والأجناس، والأمم، وَبَوَّبُوا لذلك الأبواب في كتبهم، وقد استغرق ذكر الفضائل في " كتاب اللآلئ " ما يزيد عن مائة صحيفة فكيف بعد ما ذكرناه يستجيز لنفسه أن يقول: إن العلماء لو اتجهوا هذا الاتجاه لانكشفت أحاديث كثيرة، وتبين وضعها مثل كثير من أحاديث الفضائل ... إلخ!؟.

أما إذا كان يقصد أنهم لم يحكموا على كل ما ورد في الفضائل بالوضع فهذا ما لا نوافقه عليه وما لا نرتضيه لباحث.

واستمع أيها القارئ الحصيف إلى بعض الأمثلة غير ما قدمت ليزداد الأمر وضوحًا، حديث أنس «دَخَلْتُ الحَمَّامَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا وَعَلَيْهِ مِئْزَرٌ» حكم بوضعه ابن الجوزي وقال: في سنده مجهولون، ولم يدخل رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمامًا قط، ولا كان عنده حمام. أقول: ولا كانت الحمامات العامة موجودة عند العرب آنذاك، بل استمع إلى قوله في الحديث المكذوب: «لا يُولَدُ بَعْدَ الْمِائَةِ مَوْلُودٌ لِلَّهِ فِيهِ حَاجَةٌ» فإن قيل: فإسناده صحيح فالجواب أن العنعنة تحتمل أن يكون أحدهم سمعه من ضعيف أو كذاب فأسقط اسمه، وذكر من رواه عنه بلفظ عن، وكيف يكون صحيحًا وكثير من الأئمة السادة قد ولدوا بعد المائة!!

بل استمع إلى العلماء لما نقدوا حديث الهريسة وأنها تشد الظهر وتقوي على الباه، فقد قالوا: إن محمد بن الحجاج اللخمي هو الذي رواه لأنه كان صاحب هريسة وغير ذلك كثير ولكن صاحب " الضحى " لم يكلف نفسه أن يقرأ ويطلع على كتب القوم وكلامهم، وتابع المستشرقين فيما قال.

(2) وأما حديث ابن عمر مرفوعا «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، [نَقَصَ] مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ» وأن أبا هريرة كان يروي الحديث هكذا «إِلاَّ كَلْبَ صَيْدٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ زَرْعً» فيزيد «كَلْبَ الزَّرْعِ»، فقيل لابن عمر: وإن أبا هريرة يقول: «أَوْ كَلْبَ زَرْعً» فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «إنَّ لأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا» ثم يعلق صاحب " الضحى " فيقول: «وهو نقد من ابن عمر لطيف في الباعث [النفسي]» فالجوابِِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015