ومنهم المتساهل بعض الشيء ولا سيما في الفضائل كأصحاب السنن والمسانيد وذلك مثل الإمام أحمد في " مسنده " والترمذي في " جامعه " وابن ماجه " في سننه " وهذا هو السر في أن الإمام أحمد خرج في فضائل بني أمية أكثر مما خرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما ".
[3] مما ينقض هذا الزعم الباطل المبني على الحدس والتخمين لا على التحقيق العلمي الصحيح أن البخاري ومسلمًا أخرجا في " صحيحيهما " أحاديث في فضائل بني أمية، فقد ذكر في فضائل الخليفة الراشد عثمان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أحاديث كثيرة، وهو يعتبر من شجرة بني أمية (?) وبالانتصار له انحاز إليهم كثيرون.
وذكر البخاري في كتاب فضائل الصحابة باب ذكر معاوية بن أبي سفيان، وما ذكره في فضائل معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أكثر مما ذكره في فضائل كل من العباس وابنه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وكما قال في معاوية: باب ذكر معاوية، قال في فضل العباس: باب ذكر العباس بن عبد المطلب، وكذلك قال في ابنه عبد الله: باب ذكر عبد الله بن العباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وما ذكره في فضائل معاوية أكثر مما ذكره في فضائل العباس وكذلك فعل مسلم فذكر فضائل أبي سفيان بن حرب والد معاوية، حيث ذكر حديث أبي سفيان بن حرب لما قال للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد أن أسلم ليلة الفتح: «ثَلاَثٌ أَعْطِنِيهِنَّ ... » الحديث. فلو كان الأمر أمر خوف ومداهنة لأكثرا من فضائل العباس وابنه، لأنهما جَدَّا العباسيين، ولكن الأمر جاء على خلاف ذلك، ومن هذا العرض الوجيز يتبين لنا جَلِيًّا أن الأمر ليس أمر جبن وخوف ولا أمر شجاعة وصراحة، وإنما الأمر أن شروط الشيخين شديدة فمن ثم لم يصح عندهما في فضائل معاوية ولا أبيه: إلا أحاديث قليلة بخلاف الإمام الجليل أحمد فإن شروطه دون ذلك، وقد روى عنه - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنه كان يقول: «نَحْنُ إِذَا رَوِينَا فِي الحَلاَلِ وَالْحَرَامِ شَدَّدْنَا،