أحاديث المسانيد والتحقق من صلاحيتها للاحتجاج، والشيء الذي لا ينبغي أن يشك فيه أن معظم أحاديث " مسند الإمام أحمد " مِمَّا يصح الاحتجاج بها فهي إما صحيحة أو حسنة، وفيه أحاديث كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما من كتب السنن المعروفة، ونحن لا ننكر أن في " المسند " أحاديث ضعيفة بل وموضوعة على ندرة ولكن معظمها مِمَّا زاد ابنه عبد الله في " المسند " وأبو بكر القطيعي، ويقلل من خطرها أنها في الفضائل لا في الأحكام، وإذا أردت اليقين فارجع إلى طلائع " المسند " بتحقيق الأستاذ الشيخ أحمد شاكر - رَحِمَهُ اللهُ وَأَثَابَهُ - وستتحقق مِمَّا أقول.
والعجب من المؤلف أنه شرع بعد ذلك ينقل كلام الأئمة في " مسند الإمام أحمد "، وقد ابتدأ بكلام الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية، وكل ما نقله عن هذا الإمام يَرُدُّ عليه دعواه وخلاصة كلام ابن تيمية أنه ليس كل ما في " المسند " صحيح يحتج به، بل فيه الصحيح وغير الصحيح، وأن الإمام وغيره لا يعتمد الرواية عمن عرف بالكذب وإن كان في بعض الرواة من هم معروفون بالضعف .... » ومعاذ الله أن يريد ابن تيمية أن كل ما في " المسند " ضعيف لا يصح الاحتجاج به، ولا التعويل عليه كما فهم المؤلف، وقد استدل في كتبه بالأحاديث المتكاثرة التي رواها الإمام في " مسنده "، وغير معقول من مثله أن يحتج بما لا يرى أنه صحيح أو حسن.
ومِمَّا لا يقضي منه العجب أن المؤلف قد أفاض في ذكر ما أخذه العلماء على " المسند " من أحاديث ضعيفة ولم يشر إلى كلمة واحدة مِمَّا ذكره الأئمة الثقات في بيان منزلة " المسند " واعتباره من دواوين الحديث المعتمدة، وهذا يدل على خبث الدخلة وسوء القصد.
ولست الآن [بصدد] تحقيق القول في " المسند "، ولكني سأجتزئ ببعض مِمَّا ذكره العلماء في منزلته، روي عن عبد الله بن الإمام أحمد قال: قلت لأبي: لم كرهت وضع الكتب وقد عملت " المسند "؟ فقال: «عَمِلْتُ هَذَا الكِتَابَ إِمَامًا إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعُوا إِلَيْهِ» وقد روي أنه قال لابنه عبد الله لما ألفه: «اِحْتَفِظْ بِهَذَا " المُسْنَدِ " فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْنَّاسِ إِمَامًا» ومِمَّا لا يختلف فيه