ذكر حديث البخاري في " صحيحه " عن ابن عمر أن النَّبِي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال يوم الأحزاب: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ». الحديث، ومقالة الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: «كَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ عِنْد الْبُخَارِيّ، وَوَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ عِنْد مُسْلِم «الظُّهْر» مَعَ اِتِّفَاق الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَلَى رِوَايَته عَنْ شَيْخ وَاحِد بِإِسْنَادٍ وَاحِد، وَقَدْ وَافَقَ مُسْلِمًا أَبُو يَعْلَى وَآخَرُونَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ اِبْن سَعْد ... وَأَمَّا أَصْحَاب الْمَغَازِي فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا الْعَصْر» وإلى هنا اقتصر المؤلف على كلام الحافظ، وتتمة كلام ابن حجر «وكذلك وافق البخاري الطبراني والبيهقي في " الدلائل " وهذا كله يؤيد البخاري، وقد جمع بعض العلماء بين الرواتين باحتمال أنْ يكون بعضهم قبل الأمر كان صَلَّى الظهر وبعضهم لم يصلها، فقيل لمن لم يصلها: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ» ولمن صَلاَّهَا «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ»، وجمع بعضهم: باحتمال أنْ تكون طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: الظهر، وللطائفة الثانية: العصر وكلاهما لا بأس به .. إلى أنْ قال: ثم تأكد عندي أنَّ الاختلاف في اللفظ من حفظ بعض رُوَاتِهِ .. أو أنَّ البخاري كتبه من حفظه ولم يراع اللفظ كما عرف مذهبه في تجويز ذلك، بخلاف مسلم فإنه يحافظ على اللفظ كثيراً .. لكن موافقة أبي حفص السلمي له - أي البخاري - تؤيد الاحتمال الأول وهذا كله من حديث ابن عمر، أما بالنظر إلى حديث غيره فالاحتمالان المتقدمان في كونه قال الظهر لطائفة والعصر لطائفة متجه ... ».
فها نحن أولاء نرى أنَّ الحافظ ابن حجر رَدَّ الوهم في رواية " البخاري " بين أنْ يكون من أحد الرُوَاةِ، أو من البخاري نفسه مع ترجيح الاحتمال الأول، فجاء المؤلف فنقل من كلام الحافظ الاحتمال الثاني مقتضباً عما قبله وعما بعده، وترك من كلام الحافظ ما قاله العلماء في التوفيق بين