في رمضان من عام 1364 هـ (أغسطس عام 1945) نشر الأستاذ «محمود أَبُو رَيَّةَ»
مقالاً بـ " الرسالة " العدد «633» تحت عنوان «الحَدِيثُ المُحَمَّدِي» ضَمَّنَهُ آراءه في بعض مباحث الحديث، وذكر أنها خلاصة كتاب سينشر، فلما قرأته وجدت فيه عُزُوفاً عن الحق والصواب في بعض ما كتب، فأخذتُ بالقلم وكتبت رَدًّا أرسلتُ به إلى " الرسالة " فنشر بالعدد «642» وقلت في ختام الرَدِّ: «وحيث إنَّ المقال خلاصة كتاب سينشر، فإني لأهيب بالأستاذ أنْ يراجع نفسه في بعض الحقائق التي تَكَشَّفَتْ له، وليكر على الكتاب من جديد بالتمحيص والتدقيق، وعلم الحديث ليس بالأمر الهَيِّنِ، والبحث فيه يحتاج إلى صبر وأناة وتمحيص وتدقيق» وقد أبى الكاتب أنْ يُسَلِّمَ بكل ما أخذته عليه، فكتب رَدًّا على رَدِّي نشر بـ " الرسالة " العدد «654» وذكر في مقدمة رَدَّهِ أنَّ مقالي «ينزع إلى الحق ويطلبه، وأنه يستحق العناية ويستأهل الرَدَّ» ثم تَرَيَّثَ الأستاذُ في نشر ما عَنَّ له من فصول هذا الكتاب فقلتُ: لعلَّه راجع نفسه.
وفي عامنا هذا (1377 هـ - 1958 م) طلع علينا الأستاذ «أَبُو رَيَّةَ» بكتاب تحت عنوان: " أضواء على السُنَّة المحمدية " فقرأت الكتاب قراءة باحث مُتثبَّتٍ مُستبصرٍ، فإذا هو صورة مُكَبَّرَة لما أوجز في مقاله القديم، وإذا بالمؤلف لم يُغَيِّرْ من أفكاره إِلاَّ في القليل النادر، فعزمت على الرَدِّ عليه رَدًّا مُسْهَباً ولا سيما أنَّ الكتاب أحدث بلبلة في الأفكار عند من لم يتعمَّقوا في دراسة السُنَّة، وقوي عزمي على الرَدِّ رغبات الكثيرين من الفضلاء الذين لا يزالون يذكرون ردِّي الموجز القديم، وحُسْنُ ظَنِّهِمْ بِي.
وقد رأيت أنْ أنشر هذه الرُّدُودَ على صفحات مجلة الأزهر " الزهراء "، وأي مجلة أحق بمثل هذه البحوث من مجلة الأزهر؟ وهي لسان الأزهر