البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم، وإنَّ منهم من لم يذق طعم الراحة والإقامة والاستقرار طوال حياته.
قلنا إنَّ التدوين العام بدأ في آخر القرن الأول من الهجرة وإنَّ العلماء في الأمصار استجابوا لدعوة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وتجرَّد لجمع الأحاديث في الأمصار أناس لهم قدم ثابتة في الدين والعلم، وتبارى العلماء في هذا المضمار الفسيح فألف الإمام مالك (م 179) بالمدينة، وألف أبو محمد عبد العزيز بن جريج (م 150) بمكة والأوزاعي (م 156) بالشام، ومعمر بن راشد (م 153) باليمن، وسعيد بن أبي عروبة (م 156) وحماد بن سلمة (م 176) بالبصرة، وسفيان الثوري (م 161) بالكوفة، وعبد الله بن المبارك (م 181) بخراسان، وهُشيم بن بشير (م 188) بواسط، وجرير بن عبد الحميد (م 188) بالري وغير هؤلاء كثيرون، وكلهم من أهل القرن الثاني الهجري.
وكان منهج المؤلفين في هذا القرن جمع الأحاديث مختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ويظهر ذلك بجلاء في " موطأ الإمام مالك ".
ثم حدث طور آخر في تدوين الحديث، وهو إفراد حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -خاصة وكانت تلك الخطوة على رأس المائتين، وهؤلاء الذين خطوا هذه الخطوة، منهم من ألَّف على المسانيد، وذلك بأنْ يجمع أحاديث كل صحابي على حدة من غير تقيد بوحدة الموضوع فحديث صلاة بجانب حديث زكاة بجانب حديث في الجهاد وهكذا، وذلك كـ " مسند الإمام أحمد " وعثمان بن شيبة واسحق بن راهويه وغيرهم، وأصحاب المسانيد لم يتقيَّدوا بالصحيح بل خَرَّجُوا الصحيح والحسن والضعيف.
ومنهم من ألَّف على الأبواب الفقهية كأصحاب " الكتب الستة " المشهورة وهؤلاء منهم من تقيد في جمعه الأحاديث بالصحاح كالإمامين البخاري