ثم كيف يجعل التوسل بمعنى التبرك والتوسل عنده لا يستلزم حضور المتوسل به كما هو صريح كلامه وبين التبرك الذي يقتضي حضور الشيء المتبرك به كما هو ظاهر الأحاديث التي ذكرها الأستاذ البوطي ومن قبله الكتاني وغيرهما؟ وإلا فكيف يمكن التبرك بها؟
وأيضا فكلامه صريح في جواز التوسل بقوله في دعائه: (اللهم إني أتوسل إليك بفضلات نبيك وعرقه و. . .) وغير ذلك مما يستحي من كتابته فضلا عن النطق به كل مسلم عاقل غيور على مقام الألوهية ويا خجلتاه إذا قام الدكتور على المنبر يوم الجمعة يدعو بهذا الدعاء تحقيقا منه لما ذهب إليه من فلسفة التوسل بالفضلات
وتا الله لقد ازددنا يقينا بعدم مشروعية التوسل بالذات لما رأينا الدكتور البوطي قد استلزم منه مشروعية التوسل بجزء من أجزاء الذات حتى ولو كان من الجنس الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يتطهر ويتنزه منه كما هو ثابت في (الصحيحين) وغيرهما من كتب السنة المطهرة
خامسا: لقد تبين مما سبق أن ما ظنه الدكتور البوطي من السبب ظن إثم لأني أولا لم ألغ فائدة أحاديث التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه. وثانيا لأنه قائم على تسويته الباطلة بين التبرك والتوسل من جهة وعلى مشروعية التوسل بالذات من جهة أخرى وكلاهما غير صحيح كما قدمنا ولو بإيجاز
وأما غمزه إياي بالشذوذ في قوله: (أنها تخالف مذهبه في التوسل) فهو ناشئ من عدم مراعاته الأدب مع الأئمة الذين يخالفون رأيه - ولا أقول مذهبه - فإنه لا مذهب له على الرغم من لا مذهبيته وإلا فأين هو من قول الإمام أبي حنيفة: (أكره أن يسأل الله إلا بالله) فلم يجز الإمام السؤال بالذات فضلا عن الفضلات كما هو رأي المقلد المجتهد الجامع للمتناقضات وما ذهب إليه الإمام هو مذهب صاحبيه أيضا فضلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من المحققين وهو المذهب المنصور بالأحاديث النبوية والآثار السلفية كما تراه مفصلا في رسالتي الخاصة في التوسل مع الرد على شبهات المخالفين ونقدها رواية
[78]