3 - القصور في الفِقْه العمليّ:

ومن الأمثلة التي توضح هذا الأمر أن تَجِد من يُحَقِّقُ -مِنْ الجانب العلميّ النظريّ- أن من السنّة مُصَاقَبَةَ الأقدام في الصلاة بمعنى أن لا يدع المرء فُرْجة بينه وبين مَنْ على جانِبَيْه. وهذا حق وفِقْهٌ صحيح، لكنه يفتقر إلى تطبيق عمليّ صحيح بمعنى اتّباع السنّة في تطبيق السنّة، لكنك تجده في الناحية العمليّة يجانب السنّة، وليت الأمر يقف عند هذا الحدّ، بل يَظُن أنه في تلك الحال على السنّة، فهو بتطبيقه العمليّ يسيء إلى السنّة باسم تطبيق السنّة، فتراه يُؤذي مَنْ على يمينه في الصلاة ومَنْ على يساره؛ لأنه يضايقهم بكثرة التصاقه بكلٍ منهما ويُضيِّق عليهما، وقد لا تُسْعفه الحال فتراه يَمُطُّ رجله اليمنى نحو اليمين ما استطاع، ويَمُطُّ رجله اليسرى نحو اليسار ما استطاع، فيأخذ من مساحة المسجد أكثر مما يستحق، ويؤذي أكثر من واحد ممن يجاوره في الصلاة، وتراه يتكلّف في تطبيق هذه السنّة تكلّفاً لا يليق بالسنّة، وقد ينشغل ويُشْغل بها عمّا هو أولى منها من أفعال الصلاة، وقد يُحدث إيذاؤه لجاره في الصلاة ردّة فِعْل غير محمودة شرعاً.

وإن مما يعجب له المرء، ما نراه من بعض المصلين، الذين يفرّج أحدهم ما بين رجليه في الصلاة بشيء من المبالغة تعبّداً لله تعالى، فإذا سجد اضطر إلى ترك فراغ بينه وبين جاره في الصف، لأنه لابد أن يعود إلى وضعه الطبيعي في السجود، فإذا قام رجع إلى تلك الحالة الشاذة في الوقوف للصلاة حيث يَخْرج عن الأدب في ذلك، ويؤذي جاره، وقد يشغله ذلك عن الخشوع في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015