ولهذا يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في إحدى رسائله: ". . . أهل العلم يقولون: الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه، ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه، صابرا على ما جاءه من الأذى " (?) .
ويحرص الشيخ محمد بن عبد الوهاب على توجيه أتباعه نحو آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيذكر أنه إذا صدر منكر من مسلم أمير أو غيره ينصح برفق خفية، فإن وافق وإلا أرسل إليه من ينصحه , فإن لم يفلح أنكر عليه ظاهرا إلا إذا كان صاحب المنكر أمير، فيرفع الأمر إلى ولي الأمر الأكبر خفية، وكان هذا التوجيه من الشيخ حرصا منه على إجماع الأمة وعدم الفرقة ولذلك يقول الشيخ: " يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسبب افتراق لم يجز إنكاره، فالله الله العمل بما ذكرت لكم، فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين، والمسلم ما يسعى إلا في إصلاح دينه ودنياه " (?) .
والحق: أن قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي حرصت الدعوة السلفية على تطبيقها قد أثمرت الثمار المطلوبة على مدار التاريخ، وكان هذا بتوفيق الله ثم بفضل توجيهات الشيخ محمد بن عبد الوهاب نحو آدابها وتمسك أتباعه بها، ويصف لنا المؤرخ ابن بشر حال مكة بعد دخولها في ميدان الدعوة ودولتها (الدولة السعودية الأولى) بقوله: " وفشا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، فلا يشرب التنباك في أسواقها , وأمر سعود أن يجعل في أسواقها من يأمرهم بالصلاة إذا دخل الوقت , فكان إذا أذن المؤذن دار (النواب) في الأسواق: الصلاة. . الصلاة " (?) وفي عصرنا الحاضر لا زال نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائما في المملكة العربية السعودية، وله إدارة مستقلة باسم " الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " لها نظام خاص وميزانية مالية خاصة بها.