أرسل الله نوحا إلى قومه، فدعاهم إلى التوحيد الخالص، والعبودية الكاملة لخالقهم سبحانه، قال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} 1، ولكن القوم رفضوا الدعوة، ووقفوا منها موقفا سلبيا، وواجهوا نوحا بعدد من المواقف؛ فقد أنكروا الدعوة، واتهموه بالضلال، والجنون، والسفاهة، كما حكى الله عنهم: {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} 2، وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ} 3.
واتهموا أتباعه -عليه السلام- بخفة العقل، وبالرذالة، وبالضعة، وبالكذب، يبين ذلك قول الله تعالى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} 4.
وطلبوا من نوح أن يطرد الضعفاء الذين اتبعوه؛ لأنه لا يليق بهم أن يكونوا مع الفقراء والمستضعفين في مسلك واحد، فرد عليهم نوح -عليه السلام- مفندا اتهامهم له