ومن هنا كان اللجوء إلى سير الأنبياء، والاستفادة من تجربتهم مع الناس، أمر له أهميته؛ لأنه عبارة عن مبدإ مدعم بالدليل، ومنهج مبني على تجارب عديدة ثابتة، وصادقة، ومسلم بها.
يقول سيد قطب: "قصص الأنبياء يمثل موكب الإيمان في طريقه الممتد الواصل الطويل، ويعرض قصة الدعوة إلى الله، واستجابة البشر لها، جيلا بعد جيل، كما يعرض طبيعة الإيمان في نفوس هذه النخبة الممتازة المختارة من البشر، التي اصطفاها الله لتبليغ دينه، ويوضح طبيعة العلاقة، بين الرسل وبين ربهم الذي خصهم بهذا الفضل العظيم ... إن اتباع هذا الموكب الكريم يفيض على القلب رضى ونورا وشفافية، ويبشر بنفاسة عنصر الإيمان، وأصالته في الوجود، ويكشف كذلك عن حقيقة التصور الإيماني، ويميزه عن تصورات دخيلة للإيمان، صنعها الهوى، وزينها الشيطان، وباركها أعداء الله في الأرض"1.
إن الدروس في قصص الأنبياء عديدة، ومعها شهادة صدق على فاعليتها، وتكاملها، وحين يأخذها الدعاة طريقا لهم، يشعرون بتكامل الغاية، والوسيلة، ويتأكدون أنهم موصولون بالقوة التي نصرت الأنبياء من قبل، عساهم ينتصرون.
وقد كان للمواجهة بين الرسل وأقوالهم، دور بارز في إظهار خصائص الناس النفسية، والفكرية، والاجتماعية؛ لأنهم عبروا عن حقيقتهم من بدء الدعوة، ساعة أن كان الرسول وحيدا، وفريدا ... ويعد تكرار هذه الخصائص من رسول إلى رسول تأكيدا عمليا على صدق هذه الحقيقة وتجذرها في حياة الناس.
إن الدعاة إلى الله تعالى في أمس الحاجة إلى تتبع هدي رسل الله في الدعوة؛ لأنهم بذلك يدعون لله بمنهج الله، مستفيدين بما أنزله الله تعالى من وحي على رسله عليهم الصلاة والسلام.