فتحايل حتى دخل الجنة1، وأخذ في تنفيذ مهمته، وتحقيق غاياته، بوسائل خبيثة, فأكثر من لقائه بآدم حتى أنس إليه، وأكثر من التحدث معه حتى تصوره عاقلا أمينا، ثم أخذ يوسوس لهما بإلقاء حب الشجرة في قلوبهما، وتزيين الأكل منها بصورة مستترة مكررة، والوسوسة الإبليسية يدركها المسلم في حديث نفسه الخفي، وهي تأمره بمعصية، أو تنهاه عن طاعة، إنه حديث يتكرر، وكلما صرفه العقل عاد ...
هذا الوسواس لجأ إليه إبليس مع آدم -أولا- لكن آدم لم يخضع له، ولم يستمع لوساوسه، واستمر في بعده عن الأكل من الشجرة.
فلجأ -ثانيا- إلى إيقاظ شهوة النفس الكامنة في غريزة حب الخلود، وغريزة الملك، وقال: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} 2، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} 3.
فهم آدم وزوجه من كلام إبليس أن الآكل من الشجرة يجعلهم ملوكا خالدين, وبالرغم من رغبتهما في هذه الأماني إلا أنهما رفضا الأكل من الشجرة طاعة لله تعالى