إن واقع المسلمين المعاصر في أمسّ الحاجة إلى المدارسة الجادة لقصص الرسل، من أجل الوقوف على منهجهم في الدعوة، ومعرفة حقائق الناس، وخفاياهم، واكتشاف الوسائل المثلى للجدل، والخطاب، والإقناع، والإرشاد، ولم ينتقل رسول الله إلى ربه إلا بعد أن وضح المنهج، وعرفت الوسائل والأساليب ... وصارت مبادئها، وأساسياتها، مصورة في وقائع عملية، وأحداث تطبيقية، تشهد بحيويتها، وتأثيرها في الناس.
وانطلاقا من الشعور بواجب الدعوة، ومحاولة لبذل جهد على قدر طاقتي، أكتب في تاريخ الدعوة، يحدوني الأمل في توفيق الله تعالى لأتغلب على الصعاب العديدة.
إن الكتابة في هذا الموضوع جديدة، والجديد دائما يحتاج للجهد والعمل، ويتعرض للنقد والمعارضة، وبخاصة إذا قلت مراجعه، وندرت العقول التي تناولته بالتحليل والتوضيح ... وأين لي بوقت أستعين به في أداء المقصود على وجه سديد ... ولكنه الأمل في الله، إن الأمل في الله كبير وهو صاحب الفضل: {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} 1.
ولقد ألف في قصص الأنبياء، وقصص القرآن عددٌ من العلماء أسهموا في إبراز هذا التراث العظيم، ووجّهوا أنظار المسلمين إلى ما فيها من عبر وفوائد.
وأعانني الله تعالى فقرأتُ أغلب هذه المؤلفات، ورأيت ضرورة إبراز الجانب الدعوي في قصص الأنبياء؛ لإيماني بأن القرآن الكريم نزل للدعوة، وكل ما فيه من قصص، وأحكام، وتشريع هو توجيه للدعاة، بدءا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله الله للناس {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} ، واستمرارا مع كل الدعاة المخلصين إلى يوم القيامة.
ولهذا استخرت الله تعالى في الكتابة عن الجانب الدعوي، من خلال تاريخ الأنبياء عليهم السلام؛ لأن الدعوة من خلال تاريخ الأنبياء وقصصهم تعد في الحقيقة