يتخير من الحدث ما يفيد، ويذكر من الوقائع ما فيه نفع الإنسان, فأحيانا يورد اسم المكان، أو يحدد الزمان، أو يوضح عدد الناس، إن كان ذلك يفيد، وأحيانا يترك ذلك كله، ويذكر سواه في حدود الفائدة المطلوبة، والنفع المقصود.

ومن هنا فعلينا أن نأخذ الفائدة مما ذكره الله تعالى، ونسكت عما سكت عنه؛ لأنه لا حاجة إليه، وقد تتحدث مصادر أهل الكتاب، أو مصادر غيرهم عن تفصيلات القصة التي سكت القرآن الكريم عنها، وحينئذ تكون تكملة لما يحتاجه الباحث في تاريخ الدعوة، وأخذُها من هذه المصادر عملٌ يؤيده الإسلام ويدعو إليه ما دامت تكمل مسار الحدث، وتتوافق معه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" 1.

و شخصيات الرسل، ووظيفتهم البلاغية، تمثل معلما رئيسيا في تاريخ الدعوة؛ لأن الرسول -أي رسول- صناعة ربانية، وصفاته بشرية، مثالية، واقعية؛ ولذلك فهم قدوة للدعاة، وأسوة لهم، على الزمن كله.

وحينما يقدم تاريخ الدعوة صفات الرسل، ومزاياهم الخلقية التي تعاملوا بها مع الناس، ومنهجهم في الدعوة، ووعيهم بحقائق الحياة والأحياء، وصدقهم المخلص مع الله، ومع الرسالة، ومع الناس، حينما يفعل ذلك يقدم خدمات جليلة للدعوة في العصر الحديث، وفي كل العصور ...

القسم الثاني: ويتضمن تاريخ الدعوة في عصر الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو أهم الأقسام، وأزهاها، بل هو أساس لكل جوانب الدعوة الإسلامية في جميع الأمكنة، وسائر الأزمنة إلى يوم القيامة، ومصادر هذا القسم عديدة على رأسها القرآن الكريم، والسنة النبوية، ومرويات الصحابة والتابعين، وكتب التاريخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015