الاختلافات من خلال الجمعيات والإرساليات، وأذكوا القوميات، وزرعوا الأحقاد بين العناصر في الدولة الإسلامية الواحدة، كل ذلك للوصول إلى هدفهم في ضرب معاقل الإسلام، وتمزيق أمته، وبدأ العد التنازلي لدولة الخلافة بعد أن وصلت إلى ذروة مجدها، ودب الضعف في أوصالها، وتنفس الشيطان من جديد في ربوع العالم الإسلامي بغياب العلم النافع والوعي السياسي، فتفشى الاستبداد لدى الوزراء، ورؤساء الجيش الإنكشاري الذين لا يعرفون عن السياسة شيئاً، وفوق ذلك فقد انشغل السلاطين بالملذات، وأهملوا شؤون العامة، واهتموا بأمورهم الشخصية، وأساء ولات الأمور في أقاليم الخلافة الواسعة إداراتهم، ولم يهتموا بواجبهم تجاه الشعوب الإسلامية.

ومما زاد الحال سوءاً التدهور العسكري، وتألب الدول الأوربية على دولة الخلافة الإسلامية، والتخطيط للاستيلاء على بلاد المسلمين، وتيقن الصليبيون أن عوامل الضعف دبت في صفوف المسلمين في الداخل وعلى الحدود، ومن هنا فقد عم الانحراف السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب الانحراف، عن تعاليم الدين الحق، والعقيدة الصحيحة يقول العالم الأمريكي "لوثروب ستودارد" عن الحالة التي وصل إليها الدين عند أهل ذلك الزمان:

"وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة "صلى الله عليه وسلم" الناس أستاراً من الخرافات وقشور الصوفية، وخلت (أكثر) المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عدد الأدعاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015