ولم يمض إلا وقت قصير حتى تنبه الأعداء لخطورة الدعوة فناصبوها العداء، وقاوموها بكل ما يملكون من قوة، وقد دامت الحروب بين الرياض والدرعية –فقط سبع وعشرين سنة، ولم تمر سنة إلا وتقع فيها غزوة بين البلدين وكانت الحروب سجالاً، واستشهد كثير من المسلمين في تلك المعارك، منهم ولدا الأمير محمد بن سعود1، وهما فيصل وسعود اللذان قتلا في الغارة التي قام بها ابن دواس على أطراف الدرعية سنة 1160هـ، وظل دهام يناوئ الحق والشيخ والأمير يوجهان إليه الحشود تلو الحشود، وتقوم بينه وبين الحق الوقائع –كوقعة الشباب، ووقعة العبيد "أبو غيبة"، ووقعة "دلقة"، والجنوبية2، وغيرها إلى أن فتح الله عز وجل عليهم الرياض، وتخلصوا من شر دهام ونفاقه ومعاداته لأهل الحق، وبسقوط الرياض في أيدي آل سعود انفتح للدعوة الطريق، ولم يبق أمام أساطين الأعداء إلا الاستسلام والانقياد للدرعية. وبعد وفاة الأمير محمد ابن سعود الذي احتضن الدعوة الصافية وعمل على التمكين لها في الأرض، ونجح في نقلها من مرحلة الفكر إلى مرحلة التحقيق مدافعاً عنها بكل ما ملكت يداه، واهباً نفسه في سبيلها، وثبت على أساسها حكماً صالحاً، وانتصر تحت رايتها، ثم أفضى إلى ما قدم،