ساعة يتحدثان وكان من حديثهما: أن طلب الملك الناصر من ابن تيمية رحمه الله أن يفتي في قتل بعض القضاة بسبب ما تكلموا فيه، وحثه على ذلك، إلا أن ابن تيمية رحمه الله أخذ في تعظيم هؤلاء القضاة والعلماء، وبيان مكانتهم، وينكر أن ينال أحداً منهم بسوء، وقال له: إذا قتلت هؤلاء لا تجد بعدهم مثلهم، ومن آذاني فهو في حل وأنا لا أنتصر لنفسي (?) .

وبعد هذا الحوار انتقلا إلى المجلس العام حيث كان يجلس جمع كبير من الفقهاء والقضاة من مصر والشام فتكلم الوزير في أمر أهل الذمة، وطلبهم أن يعودوا إلى الزي الذي كانوا يلبسونه مثل سائر الناس، وترك الزي الذي أُلزموا به لتميزهم عن غيرهم، فسكت الملك كأنه يريد من الفقهاء والقضاة إبداء الرأي، وسكت الناس بما فيهم الفقهاء والقضاة فلم يتكلم أحد، فقال لهم السلطان: ما تقولون؟ يستفتيهم في ذلك، فلم يتكلم أحد. ثم جثى شيخ الإسلام على ركبتيه، وتكلم مع السلطان بكلام طويل، ورد على الوزير ما قاله رداً عنيفاً، وتكلم بما لا يستطيع أحد في المجلس أن يقوم بمثله، ولا بقريب منه (?) ، فهذه الحوادث وغيرها أثارت بعض من كان في قلبه غل وحسد على ابن تيمية رحمه الله، وتكدّرت عليهم حياتهم أن يروا ابن تيمية رحمه الله تزداد مكانته بين الناس، ويرتفع شأنه عند السلطان، وتسمع كلمته فتقبل عند ولاة الأمور، نعوذ بالله من الغل والحسد.

ثانياً: أهل الكلام (?) :

لقد كان ابن تيمية رحمه الله مثالاً للعالم الذي كان همه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015