المطلب الثاني
مناقشة الدعوى
يقرر ابن تيمية رحمه الله أن تعظيم القبور من أعظم أسباب الشرك، وهو ذريعة وطريق موصلة إلى تعظيم المقبورين من دون الله فيمن كان قبلنا، فقد قال الله عزّ وجل عن قوم نوح: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً} [نوح: 23 - 24] .
قال ابن عباس (?) رضي الله عنهما: (كان هؤلاء قوماً صالحين في قوم نوح لما ماتوا عكفوا على قبورهم، فطال عليهم الأمد، فصوروا تماثيلهم ثم عبدوهم) (?) .
قال ابن تيمية رحمه الله: (وقد كان أصل عبادة الأوثان من تعظيم القبور) (?) ، ولذلك كان هذا التعظيم للقبور من دين المشركين، ومن عمل أهل الكتاب، وقد أمرنا بمخالفة أهل الكتاب والمشركين أصحاب الجحيم (?) .
إن المأمور به في شريعة الإسلام هو عمارة المساجد لا بناء المشاهد على القبور، لكن الذين يعظمون القبور: يعمرون المشاهد، ويعطلون المساجد مضاهاة للمشركين، ومخالفة للمؤمنين، وقد قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 29] .