ويعلمه من بعدهم، ولم يجز أن يعلموا ما فيه من الفضل العظيم ثم يزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير، لاسيما الدعاء.

وإن لم يكن الدعاء عندها أفضل: كان قصد الدعاء عندها ضلالة ومعصية وكان القول باستحبابه أو وجوبه تشريعاً من الدين ما لم يأذن به الله، وقد قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] .

وهذه العبادة عند المقابر - أي الدعاء عندها - نوع من أن يشرك بالله ما لم ينزل به سلطاناً، ومن جعل هذا من دين الله فقد قال على الله ما لا يعلم، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] .

ويستحسن ابن تيمية رحمه الله الاستدلال بقوله تعالى: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً} [الأعراف: 33] ، لئلا يحتج المبتدعة بالمقاييس والحكايات (?) .

وأما التبرك (?) بالرسول صلّى الله عليه وسلّم وآثاره المكانية فهي نوعان: معنوية، وحسية.

أما البركة المعنوية، فهي بركة العمل والاتباع للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذه تحصل لمن اتبعه بسبب متابعته للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتحصل البركة للناس بحسب اتباعهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم قوة وضعفاً، قال عليه الصلاة والسلام في النخلة: «إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015