رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، وأسكننا وإياه في الفردوس الأعلى من جنته (?) .
ابن تيمية رحمه الله أحد الأئمة الأعلام، الذين نشروا معتقد السلف ودافعوا عنه، وهو يعد من أكبر شُرّاح اعتقاد السلف، المستدلين لمسائله وجزئياته وتفصيلاته، ما بين رسائل صغيرة، وكتب، ومجلدات ضخمة، ولا يكاد القارئ لكتب ابن تيمية رحمه الله يقرأ في كتاب من كتبه التي ألفها في العلوم الأخرى إلا ويجد داخل هذه الكتب بحوثاً نفيسة في الاعتقاد، لما يرى من أهمية نشر الاعتقاد الحق، وبثّه بوسائل مختلفة وطرق شتى.
إن ابن تيمية رحمه الله الذي جدد للأمة عقيدتها في القرن الثامن الهجري لم يكن ينصر نحلة معينة، أو يؤيد مذهباً وطريقة غير طريقة السلف الصالح التي معتمدها كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وقد صرّح رحمه الله بهذا في مواضع متعددة من كتبه، فمما قاله حين نوظر؛ لأجل العقيدة الواسطية:
(مع أني في عمري إلى ساعتي هذه لم أدع أحداً قط في أصول الدين إلى مذهب حنبلي وغير حنبلي، ولا انتصرت لذلك، ولا أذكره في كلامي، ولا أذكر إلا ما اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها) (?) .
وقد كان رحمه الله يركز على الاعتقاد؛ لأن أمره خطير عظيم، ولذا لما التمس منه تلميذه البزار (ت - 749هـ) أن يؤلف نصاً في الفقه يجمع فيه اختياراته