الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها» (?) .
وقد ذكر رحمه الله الخلاف في حكم السفر إلى زيارة القبر، وأن للعلماء فيه قولين مع أن النزاع مرجوح ضعيف في هذه المسألة، فمن قائل: إنه معصية وهو قول الجمهور، ومن قائل: إنه ليس بمحرم، لكن لا فضيلة فيه، وليس بمستحب، فهو مباح، ولم يقل أحد باستحباب السفر إلى زيارة القبر، ومن قال به فهو مخالف للإجماع (?) .
وهذا يجعلنا نفهم مراد العلماء الذين استحبوا السفر إلى زيارة قبر نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فإن مرادهم بالسفر إلى زيارته هو السفر إلى مسجده، وليس إلى قبره؛ لأن السفر إلى مسجده هو المشروع باتفاق المسلمين سلفهم وخلفهم، أما السفر إلى قبره - فكما ذكر آنفاً - أنه لم يقل أحد باستحبابه (?) .
وأما أصل زيارة القبور فلم يحرم ابن تيمية زيارتها، بل يرى الاستحباب - كما هو قول الجمهور - ومع ذلك فقد قال بعدم نسخ المنع من زيارة القبور بعض أئمة التابعين كالنخعي (ت - 96هـ) ، والشعبي (ت - 104هـ) وابن سيرين (ت - 110هـ) - رحمهم الله جميعاً - (?) .
ولذا فإن ابن تيمية رحمه الله يفرق بين الزيارة الشرعية المستحبة، وبين السفر لزيارة القبر، فالأول مشروع اتفاقاً، وأما الثاني فغير مشروع (?) ، فلم يكن أحد