أيدعي علم الغيب أو أنه يوحى إليه ومن ادعى ذلك فهو كافر ثم ما هذه القرائن التي يزعم هذا الدجال المفتري أنها تظهر عليه بلسان الحال، فهلا ذكر قرينة واحدة من ذلك فإنا لا نعلم إلا دعوة الحق إلى إخلاص العبادة لله وحده، وأن يكون الدين كله لله، ثم كيف ساغ له دعوى أن الشيخ يضمر في قلبه دعوى النبوة وهي كذب ظاهر وينفيه بدعواه الباطلة لما قال الشيخ في المشركين عباد القبور: إنهم يعظمون مشاهد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومشاهد الأولياء تعظيما بليغا حتى يطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تبارك وتعالى، وهذا أمر معلوم مشهور عنهم واعتقادهم في الأنبياء والأولياء لا ينكره إلا مكابر في الحسيات مباهت في الضروريات، فقول هذا الملحد فمن أين اطلع عليه واعتقد فيهم على سبيل القطع، حتى بنى عليه تكفيرهم إلى آخره.
فيقال: اطلع عليه بأفعالهم الظاهرة التي لا تصدر إلا عن اعتقاد القلب فيمن يدعونه، ويستغيثون به، ويلجئون إليه في مهماتهم وملماتهم حالا ومقالا، بخلاف ما زعمت أنت وأصحابك المفترون من أن الشيخ يضمر دعوى النبوة وهو أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله، مع أنها دعوى كاذبة خاطئة، وبنيتم على ذلك تكفيره وتكفير من اتبعه على دين الله ورسوله، واستحلال دمائهم وأموالهم من غير ذكر قرينة حال أو مقال إلا بدعوى مجردة عن الدليل) 1.
من خلال نقل هذا النص للشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله يظهر جليا قوة الحجة التي أدلى بها الشيخ في مواجهة تلك الفرية، ولم يكتف بذلك رحمه الله، بل وضح تناقض الخصم وتضاربه حين ذكر أن الشيخ الإمام رحمه الله يقرر أن المشركين عباد القبور يعظمون المشاهد والأضرحة، ويطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله، فأنكر هذا الخصم محتجا بأنه لا يطلع على اعتقادهم في تلك المشاهد والأضرحة، مع أن الشيخ الإمام قرر ذلك بقرائن وأدلة تثبت ما يقول، وهذا المفتري زعم أن الشيخ ادعى النبوة، ولم يذكر أي قرينة تدل على دعواه. ثم ذكر ابن سحمان وجها آخر للرد على هذه الفرية، فقال:
(ان الشيخ قد ذكر في كتاب التوحيد ما رواه البرقاني في صحيحه قوله في الحديث "وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين