فإنه لما غلب على حال كثير من المسلمين ظهور الشركيات، وانتشار البدعيات، واستفحال الخرافات، والغلو في الأموات والاستغاثة بهم، وظهور تشييد المشاهد وإقامة المزارات على القبور، وزخرفتها وتزيينها وصرف الأموال الطائلة عليها.. فلما غلب ذلك على حال عامة المسلمين، فإن هؤلاء المتصوفة والرافضة وجدوا في هذا الواقع الآسن مرتعا خصبا لبث سمومهم العقدية.
فلما بدت أنوار هذه الدعوة تكشف غياهب الظلام، وتزيل أدران الشرك ونجاساته، وتدعو الناس إلى تحقيق التوحيد بصفائه ونقائه، أدرك الخصوم أن ظهور هذه الدعوة السلفية نذير بزوال عقائدهم الباطلة، فحشد أولئك الخصوم قواهم وانبروا في التشنيع بهذه الدعوة وأنصارها، وهم أثناء تشنيعهم يذكرون معتقدهم الصوفي أو الرافضي -وغيرهما- ويزينونه للناس ويزعمون أنه الحق1.
فنجد هؤلاء الصوفية أثناء ردهم على الدعوة السلفية، يتبجحون بصوفيتهم ويفتخرون بانتسابهم إلى الطرق الصوفية كالنقشبندية أو القادرية أو التيجانية.. ويدافعون عن التصوف وأدعيائه.
والرافضة أثناء مناهضتهم للدعوة السلفية يدافعون- بكل ما عرف عنهم من كذب وقلب للحقائق- عن معتقدهم، ونوضح ذلك بما حدث منهم لما كتب علماء المدينة سنة 1344 هـ الفتوى حول حكم البناء على القبور واتخاذها مساجد وأجابوا بالحق الذي تعضده الأدلة، فلما ظهرت هذه الفتوى، وتم العمل بموجبها، وأزيلت القبب والأبنية على القبور، عندئذ قام علماء الرافضة وضجوا، وسودوا الصحائف والأوراق في الطعن على هذه الفتوى، والنعي للمسلمين على زوال تلك القباب والمزارات فمن هذه الكتب التي سطرت- آنذاك- رسالة في رد الوهابية للأوردبادي، ورسالة في نقض فتاوى الوهابية لمحمد حسين، والرد على فتاوى الوهابيين لحسن صدر الدين الكاظمي، وغيرها من الكتب والرسائل التي ألفها أئمة الرافضة، والذين عهد عنهم عمارة المشاهد والقباب، دون المساجد التي أمر الله أن تعمر بطاعته2.
هذه بعض الأسباب الظاهرة لشدة عداوة الخصوم للدعوة الوهابية3 وكثرة