وسنلاحظ - كما سيأتي مفصلا في أبواب البحث - أن دعاوى الخصوم واعتراضاتهم ضد دعوة الشيخ الإمام في زمنه، يتلقفها من بعدهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا إلى زمننا هذا، فهذه الدعاوى المثارة ضد الدعوة السلفية - الآن - لا تتجاوز غالبا ما أثاره أسلافهم زمن الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله، كما أن أولئك الأسلاف تلقفوا كثيرا من شبهاتهم عن أسلافهم السابقين ممن ناهض دعوة السلف الصالح، وعادى مجدديها مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى، ومن قبلهم من أئمة السلف، فإن جذور هذا الصراع قديمة ممتدة عبر قرون عديدة.
ولعل هذا البحث - المتواضع - يظهر لأجيال الموحدين بعضا من الجوانب المشرقة من خلال ما كتبه أسلافهم - القريبون -، ويكشف الجهود المكثفة التي بذلها أجدادهم في نصرة الدعوة السلفية، ويستشعر أن هذه الجهود مرتبطة ارتباطا وثيقا بالجهود السابقة لعلماء السلف، وامتداد لها، مثل جهود الإمام أحمد بن حنبل، والإمام البخاري، وابن قتيبة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن تيمية، وابن القيم،- رحمهم الله جميعا - وهكذا، فيكون ذلك عونا لتلك الأجيال للسير على منهاج السلف والاقتداء بهم.
(3) الحرص على بيان عقيدة السلف الصالح، ورد الاعتراضات والشبهات المثارة ضدها، فإن مما يجلي عقيدة السلف الصالح ويوضحها هو الرد والدحض لما يلصقه الخصوم بهذه العقيدة والجواب عن شبهاتهم ودعاويهم.
وليس الرد والجواب على الاعتراضات الموجهة إلى دعوة الشيخ الإمام - في الغالب - إلا رداً وجواباً عن الاعتراضات على عقيدة أهل السنة والجماعة، فإن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بلا أدنى شك هي عين الدعوة لعقيدة السلف الصالح.
فأحببت في هذا البحث أن أشارك في خدمة عقيدة الفرقة الناجية، وأن أسعى على قدر جهدي -وهو جهد مقل- في نصرة عقيدة السلف الصالح والذب عنها1.