ومثاله، فكما أنه يجب العلم بأن لله ذاتا حقيقية لا تشبه شيئاً من ذوات "المخلوقين، فله صفات حقيقية لا تشبه شيئا من صفات المخلوقين، فمن جحد شيئاً مما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله، أو تأوله على غير ما ظهر من معناه فهو جهمي قد اتبع غير سبيل المؤمنين، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} 1 2.

ويشير الشيخ عبد الرحمن بن حسن إلى منشأ ضلال المعطلة في مسألة الصفات، فيقول في شرحه لباب (من جحد شيئاً من الأسماء والصفات) :

(فإن الجهمية ومن وافقهم على التعطيل جحدوا ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله من صفات كماله ونعوت جلاله، وبنوا هذا التعطيل على أصل باطل أصلوه من عند أنفسهم، فقالوا هذه الصفات هي صفات الأجسام، فيلزم من إثباتها أن يكون الله جسما. هذا منشأ ضلال عقولهم، لم يفهموا من صفات الله إلا ما فهموه من خصائص صفات المخلوقين، فشبهوا الله في ابتداء آرائهم الفاسدة بخلقه، ثم عطلوه من صفات كماله، وشبهوه بالناقصات والجمادات، والمعدومات، فشبهوا أولاً، وعطلوا ثانياً، وشبهوه ثالثاً بكل ناقص ومعدوم، فتركوا ما دل عليه الكتاب والسنة من إثبات ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله على ما يليق بجلاله وعظمته ... ) 3.

وحين ختم الشيخ محمد بن عبد الوهاب كتاب التوحيد بقوله: باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 4 ثم ساق أحاديث هذا الباب5.

كان مما سطره قلم الشيخ عبد الرحمن بن حسن شرحاً لهذا الباب أنه قال:

(وهذه الأحاديث وما في معناها تدل على عظمة الله وعظيم قدرته، وعظم مخلوقاته، وقد تعرف سبحانه وتعالى إلى عباده بصفاته، وعجائب مخلوقاته، وكلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015