عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّاً فَأَسْلَمَ، وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ (، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا ولحق بأهل الكتاب، فعظموه ورفعوه وقالوا: هذا رجل يكتب لمحمد فأعجبوا به، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ. فما لبث أن قصم الله عنقه ومات، فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ. فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ) (?) .

وغير ذلك من الأدلة والآيات والبراهين والمعجزات على صدقه (وتأييد الله تعالى له.

وبعض الطاعنين أنكر معجزات النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: إنه لا يقبلها عقل. ومما يؤسف له أن كثيرا من المعاصرين على ذلك:

يقول محمد رشيد رضا: (وأما تلك العجائب الكونية، فهي مثار شبهات وتأويلات كثيرة في روايتها وفي صحتها وفي دلالتها، وأمثال هذه الأمور تقع من أناس كثيرين في كل زمان، والمنقول منها عن صوفية الهنود المسلمين أكثر من المنقول عن العهدين العتيق والجديد، وعن مناقب القديسين، وهي من منفرات العلماء عن الدين في هذا العصر) (?) . وقال: (لولا حكاية القرآن لآيات الله التي أيد بها موسى وعيسى - عليهما السلام - لكان إقبال أحرار الإفرنج عليه أكثر، واهتداؤهم به أعم وأسرع) (?) .

وهذا الكلام في غاية الخطورة، فكأنه يشير إلى أن الله تعالى صد الناس عن الإيمان بسبب ذكره هذه الآيات، ونقول له: (قل أأنتم أعلم أم الله (؟ وإن المرء ليعجب أشد العجب؛ إذ كيف لرجل مثل رشيد رضا أن يتهم القرآن لأجل أحرار الإفرنج.

وقال الشيخ مصطفى المراغي في تقديمه لكتاب "حياة محمد" لمحمد حسين هيكل: (ولم تكن معجزة محمد القاهرة إلا في القرآن، وهي معجزة عقلية، وما أبدع قول البوصيري:

لَمْ يَمْتَحِنَّا بِمَا تَعْيَا الْعُقُولُ بِهِ حِرْصاً عَلَيْنَا، فَلَمْ نَرْتَبْ وَلَمْ نَهِمِ (?) .

وبمعنى هذا الكلام قال محمد حسين هيكل، وعبد العزيز جاويش، ومحمد فريد وجدي، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ محمد عبده (?) . وغالب المدرسة العقلية على هذا الرأي؛ وهو إنكار جميع المعجزات إلا القرآن، وبعضهم لا ينكرها ولكن يقول: هي ليست بذات أهمية، فضلا أن تكون دليلا على صحة نبوة النبي (صلى الله عليه وسلم) .

وقد استخدم بعضهم تأويلات باردة في إنكار المعجزات؛ فبعضهم يتكئ

على قضية ورودها في أحاديث آحاد، وأحاديث الآحاد لا تُقبل في

العقائد (?) ، فإن كانت متواترة أنكر تواترها، ولكنهم شرقوا في بعض الآيات التي نص عليها القرآن مثل انشقاق القمر (?) ؛ وهي معجزة قد تواترت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أيضا، فإليك ملخص ما قاله محمد رشيد رضا في إنكار هذه الآية (?) :

أولا: الطعن في السند:

1-إنكار التواتر:

قال: زعم بعض العلماء المتقدمين أن الروايات في انشقاق القمر بلغت درجة التواتر، وهو زعم باطل.

وقال: فلو وقعت لتوفرت الدواعي على نقله بالتواتر؛ لشدة غرابته عند جميع الناس في جميع البلاد ومن جميع الأمم.

2-التشكيك في صحة السند:

قال: فأما الشيخان فالذي صح عندهما مسند على شرطهما إنما هو عن واحد من الصحابة، يخبر عن رؤية وهو عبد الله بن مسعود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015