عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ (خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ (?) إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) خَمَصًا شَدِيدًا؟ فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ (?) فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَبِمَنْ مَعَهُ. فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ. فَصَاحَ النَّبِيُّ (فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَيَّ هَلًا بِهَلّكُمْ» . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : «لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ» . فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فقلت لها: ويحك جاء النبي بالمهاجرين والأنصار. فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ. فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا» . وَهُمْ أَلْفٌ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ) (?) .
وعن قيس بن النعمان قال: لما انطلق النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر مستخفين مرا بعبد يرعى غنما، فاستسقياه من اللبن، فقال: ما عندي شاة تحلب، غير أن ههنا عَنَاقاً (?) حملت أول الشتاء، وقد أخدجت وما بقي لها لبن. فقال: «ادع بها، فدعا بها فاعتقلها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ومسح ضرعها ودعا حتى أنزلت» . قال: وجاء أبو بكر - رضي الله عنه - بمحجن فحلب، فسقى أبا بكر، ثم حلب فسقى الراعي، ثم حلب فشرب، فقال الراعي: بالله من أنت، فوالله ما رأيت مثلك قط؟ قال: «أو تراك تكتم علىَّ حتى أخبرك؟» . قال: نعم.
قال: «فإني محمد رسول الله» . فقال: أنت الذي تزعم قريش أنه صابئ؟ قال: «إنه ليقولون ذلك» . قال: فأشهد أنك نبي، وأشهد أن ما جئت به حق، وأنه لا يفعل ما فعلت إلا نبي، وأنا متبعك. قال: «إنك لا تستطيع ذلك يومك، فإذا بلغك أني قد ظهرت فأتنا» (?) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ (بِتَمَرَاتٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَضَمَّهُنَّ ثُمَّ دَعَا لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، فَقَالَ: «خُذْهُنَّ وَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدِكَ هَذَا، أَوْ فِي هَذَا الْمِزْوَدِ (?) كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ وَلَا تَنْثُرْهُ نَثْرًا» . فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حِقْوِي (?) ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَإِنَّهُ انْقَطَعَ) (?) .