وولي الأمر إنَّما نُصِّبَ ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهذا هو مقصود الولاية.
بل إنَّ صلاح العباد جميعهم يكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ إذ أنَّ صلاح العباد في معاشهم ومعادهم في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلاَّ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وبه صارت هذه الأُمَّة خير أمَّةٍ أُخرجَت للناس، كما قال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} [آل عمران: 110] .
ومما يدل على عظم شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقديمه على الإيمان الذي هو أصل العقيدة ولا يتقدمه شيىء، لكن في هذه الآية قُدِّمَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان. ولا نعلم السر في هذا التقديم إلاَّ عِظَم شأن هذا الواجب، وما يترتب عليه من المصالح العظيمة العامَّة، ولعلَّ التلازم بين الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الذي سوغ هذا التقديم1.
فالأمر والنهي لا يكونان إلاَّ حيث يكون الإيمان، وليس الإيمان إلاَّ عقيدةً وسلوكاً في بضعٍ وسبعين شعبة من أخلاق الإسلام، كلها تعمل في سبيل إرساء قواعد أمَّة الإسلام على أسس من الأصالة والثبات والحياة السعيدة؛ لأنَّ هذه الشعب الإيمانية تشمل كل النشاطات الإنسانية من جهة العقيدة، ومن جهة الذات، ومن جهة ارتباط الإنسان بالإنسان، والتزامه بغيره.
والأمَّة التي تسودها شعب الإيمان تهب إلى الأمر بها، والنهي عمَّا يضادها، حرصاً على مميزان أخلاق الإيمان وأثرها في سعادة الإنسان، وفي قوة الأُمَّة