جنب، فيشتركان معًا في حفظ النظام، وفي تحقيق التقدم1. ورأينا كيف يكتمل العقل بالإيمان2، وكيف يعتمد الإيمان على العقل3. وكيف يراقب الفرد حسن سير الحياة الأخلاقية العامة4، وإن كان مكلفًا بمسئوليته الخاصة. وكيف يشعر المجتمع من ناحية أخرى بسموه، وبحقه المقدس بالنسبة إلى أعضائه5 "دون أن يقتضي منهم مع ذلك تضحيات لا جدوى منها أو مغالية"6، ثم يشعر في الوقت نفسه بالواجب الملح الذي يقع على كاهله، أن يضمن للمحرومين قدرًا مناسبًا من الرفاهة7، وأن يجنبهم كل عبء لا يطيقونه8.
هذه الجدلية كلها، هذا المد والجزر يتردد حول المبدأ الوحيد، الذي يقع في قلب النظام، والذي يمكن أن يتلخص في فكرة "التقوى", وهي مفهوم مركب بدوره؛ لأنه يضم أعمق الاحترام للمثل الأعلى، والبحث عن أفضل الظروف التي تفرضها الطبيعة بقدر الإمكان.
وفائدة دراسة كهذه هي أنها تشعرنا بكل عمق بما نحن مندوبون إلى أدائه، ثم هي ترينا كيف يستند هذا الأداء إلى أساس متين.
لكن هذا كله لا يشبع إلا حاجة عقلية، ولا يعد سوى جانب ثانوي من المشكلة الأخلاقية، فمن الممكن "أن يكون المرء فاضلًا دون أن يستطيع تعريف الفضيلة" فحاجتنا إذن إلى أن نرى الفضيلة أعظم من حاجتنا إلى تعريفها.