إكراهًا، هو وحده الذي يجعل مخالفة الشرع جائزة، بل لقد رأينا1 المرض، والشيخوخة، والضرورات التي تفرضها العمليات العسكرية، ومتاعب السفر، كل ذلك من الأسباب التي يمكن أن تفرض نوعًا من التقليل، أو التأجيل، أو التعديل في بناء العبادة الدينية.
وهنا مناسبة أن نبين معنى وهدف الاهتمام القرآني بتعديل الواجب تبعًا للموقف الذي يؤدى فيه.
ونلاحظ أولًا فيما يتعلق بالحالات التي يتعرض فيها الواجب لتعديل مفروض -أنها استثناء، وليست القاعدة. وهي استثنائية من ناحيتين: استثنائية بين الواجبات؛ لأنها تتصل أساسًا بالواجبات الدينية، ولا علاقة لها بتكاليفنا الإنسانية، فليس لواجب الأمانة ألف شكل، ولا لواجب الوفاء بالالتزام، ولو لواجب احترام حياة البريء من الناس، أو احترام ملكيتهم، وشرفهم ... إلخ.
وهي استثنائية في تطبيقها؛ لأنها لا تعفي سوى الضعفاء والمعوقين.
ثم نذكر بعد ذلك أنه -حتى في هذا المجال المقيد بالواجب الديني- لا علاقة لهذه الحالات بالإيمان القلبي، وهي لا تؤثر إلا في جانب مادي معين من الواجب، مع محافظتها تمامًا على العنصر الجوهري.