قادر بهذه الطريقة أن يحل بعض الصعوبات الأخلاقية -لا يفعل في الواقع سوى أن يهرب من هذه الصعوبات. فهو لكي يجعل من نفسه إنسانًا طاهرًا عفيفًا يخلق لنفسه عالمًا مصطنعًا، يستطيع أن يهرب فيه من الخطيئة، لا بوساطة قواه الذاتية، بل بقوة الأشياء.

وإذن، فما كان له أن يحوز ما حاز غيره من بطولة واستحقاق، غيره الذي يواجه الحياة بشجاعة، على ما هي عليه، وبكل ما تتضمن من مسئولية، ومغامرة، وتضحية، والذي يبذل كل طاقته من أجل أن يتغلب على العقبات.

وهكذا نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد استلهم القرآن في قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} 1, وقوله: {ولْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} 2 -فإذا به يستهل نداءه للشباب بأن يوصيهم بالزواج، بشرط واحد، هو أن يكونوا قادرين على النهوض بواجباته الزوجية، فإذا عدمت هذه المسئولية فإنه يوصي الشباب باللجوء إلى الصوم، كوسيلة للدفاع ضد الدوافع الغرزية2: "يا معشر الشباب؛ من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015