لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون} 1.
فلولا هذا التقويم المستمر لنجم عن تخلفه أن تصبح كل أوامر النبي وأحكامه التي لم يقومها الوحي -موافقًا عليها ضمنًا، ولتلقاها الناس، ومعهم الحجة البالغة، على أنها أحكام إلهية. وقس على ذلك سائر أحواله, حين يعمل، فهي معدودة من حيث المبدأ أمثلة يُقتدى بها، وينظم المسلمون على أساسها سلوكهم، ما لم يصدر عنه ما ينقضها.
وموجز القول: أن كل حديث صحيح لم يرد ما ينسخه، وكان موضوعه جزءًا من رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- بحيث أصبح في نهاية الأمر تعبيرًا عن الإرادة الإلهية -هذا الحديث له في نظر المسلمين نفس السلطة الأخلاقية التي للنص القرآني. ولو اشتمل الحديث علاوة على ذلك، تفصيلات وتحديدات، أكثر مما اشتمل عليه النص القرآني -فإن هذا الحديث هو الذي يحكم النص القرآني2 فهو يفسره، ويحدد أهميته، ويبين نماذج تطبيقه.