إضافات لا تقوم بذاتها, وإنما بالاستناد إلى المبدأ الأول وهو العمل من أجل إرضاء الله.
وكانت آخر مسألة عالجها المؤلف في الفصل الخامس من الكتاب هي تحليل طبيعة "الجهد" الإنساني الذي يأمر به القرآن الكريم, ودرجة هذا الجهد, وقيمته في اكتساب الثواب.
وقد عالج المؤلف العلاقة بين الجهد والانبعاث التلقائي من ناحية, وبين الجهد وروح التيسير من ناحية أخرى. ووضح أن القرآن الكريم قد وازن بين كلٍّ من الطرفين المتعارضين, ودمج بينهما في تركيب يجمع بين الكمال والحكمة. وناقش فكرة المتشددين الذين يرفضون التلقائية في الفعل الأخلاقي, ولا يمنحون السلوك أية قيمة إلا إذا كان نتيجة لجهد أو معاناة كبيرين. فإذا صحَّ ما يدَّعي هؤلاء, فإن النفس المتحررة من شهواتها لا تكتسب ثوابًا على ما تقوم به من أفعال خيِّرة, ولا تستحق هذا الثواب إلا إذا كانت فريسة لانفعالات متسلطة عليها, وتكافح من أجل التغلب عليها. أو بمعنى آخر: كلما اقتربنا من المثال الأعلى في الانبعاث التلقائي لفعل الخير, فقد العمل جزءًا من قيمته. وواضح ما في هذا الرأي من منافاة لكل منطق, إذ بمقتضاه يكون الشرير الذي يحاول جاهدًا التخلص من نزعاته الشريرة أعلى درجة في السلم الأخلاقي من القديس الذي يمارس الفضيلة في يسر وبدون جهد يذكر. إن الوقوع في هذا التناقض قد نجم عن الاعتقاد الخاطئ بأن الحياة الأخلاقية يجب أن تكون حربًا لا هوادة فيها ضد نزعات كامنة في الإنسان, هذا الإنسان الذي يرى بعضهم أنه شرير بطبعه, وأنه لا يستطيع أن يتحرر من طبيعته الشريرة, وأن القداسة فكرة وهمية ليس لها مكان على الأرض.
إن موقف القرآن الكريم من هذه المسألة يختلف تمامًا عن هذا الموقف المتشدد المتشائم, وينزع إلى نظرة أكثر رحابة وأكثر تفاؤلًا. لقد كان هناك