على أنه هدف لطموح متوثب محلق، ولا على أنه أمر البيئة، وكأنه ضريبة استبدادية، بل يجب أن يمر كلاهما في الضمير؛ ويتعرض لعملية إنضاج حقيقية، يخرج منها بمظهر جديد، قائم على مبادئ قانونية، يقويها ويفرضها العقل. فما دامت جاذبية المثل الأعلى ليست لها صبغة الأمر الصادر عن العقل، وحتى لو لم تكن نوعًا من ملاحقة السراب، أو حلمًا واهمًا؛ فإنها تظل محكومة بنوع من الإحساس بالجمال, ولكن هذا الإحساس بالجمال، مهما بلغ من النبل، فلن يكون مبدأ أخلاقيًّا.
وكذلك الحال في كل خضوع لا مسوغ له، إلا أن يكون صادرًا عن نوع من الإرهاب الجماعي.
ومن هنا نرى القرآن يقف دائمًا أمام هذين العدوين للأخلاقية: اتباع الهوى دون تفكير: {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ} 1. {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} 2، والانقياد الأعمى: {قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونََ} 3. فهل يقدم الذين يريدون السير على سُنة أسلافهم على الانقياد لهم دون تمييز، حتى ولو {كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} 4؟
ففي الفرد إذن -من حيث كونه فاعلًا- عنصر عقلي، أعني: عنصرًا أخلاقيًّا، بالمعنى الحق، وفي الأمر الخلقي عنصر آخر هو: العقل، والحرية، والمشروعية؛ وتلكم هي العوامل الأساسية، التي أدى إغفالها إلى نقص كبير في تحليل برجسون.
ولقد يستطيع من شاء أن يقلل من شأن "الملكية الفكرية"، وما لها من دور في تصور الأمور والحكم عليها، باعتبارها الأخيرة من حيث تاريخ