"فردريك روه":

على الطرف النقيض للنظرية الكانتية التي تجعل السلطة التشريعية كلها من شأن العقل الخالص -تقف نظريات أخرى تدافع عن قضية الحرية التجريبية للذات، ويتجلى هذا التناقض العجيب المثير لدى "جيو guyau" و"نيتشه nietzsche" وهما اللذان قصرا الأخلاقية على الشعور بالجمال، أو على إرادة الحياة، وعلى أساس هذا الرأي الأخير يتقرر أن القيمة الأخلاقية لا توجد مسبقًا في نظام الأشياء الأزلية، بل هي إبداع إنساني يتجاوز الإنسان به نفسه ليصبح فوق الإنسان sur homme.

ولم يدفع الفيلسوف الفرنسي "فريدريك روه frederic rauh" هذه الفكرة الثورية إلى نهايتها، وهي التي ترمي إلى أن تلغي إلغاء كاملًا فكرة الإلزام، ومعها الأخلاق نفسها. وهو، وإن كان يعترف بسمو فكرة الواجب بالنسبة إلى الفرد، إلا أنه مع ذلك أراد أن يكون كل فرد هو صاحب مبادئه وأحكامه الخاصة، ومبدعها1.

ويمكن أن نقول, دون أن نخشى إغرابًا: إنه على الرغم من المسافة التي تفصل ما بين هذه الفكرة، وفكرة "كانت" -فإنها تلتقي معها وتتوافق في بعض المقاييس؛ ذلك أن كلًّا منهما لا تبقي من فكرة الواجب إلا معناه العام، الذي لا يتضمن أي اتجاه خاص. بيد أن اختلاف الرأيين يبدأ بعد هذا التوافق في نقطة الانطلاق؛ فعلى حين يحلق الفيلسوف الألماني في سماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015