إن سلامة القلوب وصلاحها لا يكون إلا بفضل الله، والعون منه سبحانه وتعالى، لكن علينا أن نسعى إلى سلامة قلوبنا وصلاحها؛ لأن تسليم القلوب لله عز وجل وسلامتها وصحتها من الأمراض سبب لنجاة العبد يوم القيامة، وسبب لتمكين الله للطائفة المؤمنة في الأرض، فإن الله عز وجل إنما يغير موازين الكون وسننه التي يسير عليها من أجل الطائفة المؤمنة القليلة المستضعفة، التي ليس عندها من أسباب القوة أو العدد والعدة ما تفوق به غيرها، ولا يتحقق ذلك إلا إذا سلمت قلوبها لله تعالى، فإن الله عز وجل سوف يعطيهم رقاب العباد والبلاد، فإذا كانت النفوس لم تتزكَّ بعد ولم تنطرح ولم تسلم، فإنها إذا تمكنت أوشكت أن تجعل العباد عبيداً لها من دون الله، والله عز وجل لا يقبل من السعي إلا ما كان خالصاً لوجهه، وأما ما كان من عجب وغرور وكبر وعمل لغير الله سبحانه وتعالى فإنه مضمحل باطل لا يقبله الله سبحانه، فإذا تمكنت هذه النفوس وهي لا تزال تتعلق بالدنيا، وبنصيبها وبرؤية الناس لها، فهذا أمر لا يحصل معه الخير ولا تحصل معه الغاية من تمكين المؤمنين، والتي هي كما قال ربعي: (إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).