والمرتبة الثالثة من مراتب الإيمان بالقدر: مرتبة الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا تكون في هذا الكون حركة ولا سكون، ولا طاعة ولا معصية، ولا إيمان ولا كفر، ولا خير ولا شر إلا بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، فأمره نافذ كما قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82]، وكذلك قدرته عز وجل على كل شيء، على أفعال العباد الاختيارية والاضطرارية، قال تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:284]، ومع ذلك أمر الله العباد بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وهو يحب المتقين، ويحب المقسطين، ويحب المؤمنين، ولا يرضى لعباده الكفر، وإن كان قد قدر سبحانه وتعالى الكفر والفسوق والعصيان، لكنه يحب الطاعة ويكره المعصية، فمحبته وكراهيته تابعة لأمره الشرعي ونهيه كذلك، فما أمر الله به وفعله العباد فهو يحبه، ويحب من فعل ذلك منهم، ومن عصى أمره عز وجل وخالف شرعه فهو يكرهه، ويكره من فعل ذلك منهم، وكونه قدر وجود ما يكرهه عز وجل شرعاً فلحكمته البالغة سبحانه.