أما الصنف الثاني من أبناء المسلمين المقصرين: فهم من غابوا عن الوعي وليست لهم قضية، فقضيتهم -في الحقيقة- أن يأكلوا ويشربوا ويمرحوا ويلعبوا ويلبسوا ويكونوا في المظاهر أمام الناس، هذا هو أكبر الهم ومبلغ العلم عندهم، ولك أن تبحث عن قطاع كبير من شباب المسلمين ورجالهم ونسائهم، ولتسأل عن همه وعن رغبته، فماذا يريد؟ يريد الشريط الجديد، والأغنية الجديدة، والفيلم الجديد، والصورة العارية الجديدة، والجريدة القذرة، والمجلة النجسة، والصديقة العاهرة، والعياذ بالله من ذلك، فليس له هم إلا ذاك.
وهذا هو ميدان العمل لأعداء الله عز وجل، وهو حقل الزراعة الذي يزرع فيه الأعداء بذور الانحطاط في أمة الإسلام، وبذور الانهزام، وبذور الوهن، وبذور الانكسار، وبذور الذل لأعداء الله عز وجل، وهؤلاء هم الذين يريد أعداء الله عز وجل أن يوجد فيهم الوهن، وأن يوجد فيهم الحزين على ما أنفق في سبيل الله، وأن يوجد فيهم الذليل المنكسر المستكين لعدو الله عز وجل، فهم البيئة المناسبة الذين يحبون الدنيا، فليست لهم قضية في نصرة الإسلام ولا في العمل به ولا في تعلمه، فليسوا بأعداء له لكنهم ليسوا بجنود له ولا عاملين به، وهذا قطاع للأسف كبير جداً، وعندما نحاول حصره نجده أنه ربما جاوز التسعة والتسعين في المائة من واقع المسلمين ومن مجتمعات المسلمين، وهذا خطر عظيم، وإن كان الأعداء يتربصون بمن يتعاطف فقط من هؤلاء دون أن يستجيب مع من يدعو إلى الله سبحانه وتعالى، ويتربصون الدوائر ليصدوا كل هؤلاء عن الالتزام، ولذلك تجد هذا الصنف تتوجه إليه كل وسائل الإفساد من العالم كله، من الأقمار الصناعية، ومن قنوات البث، ومن المجلات والكتب، ومن وسائل التعليم والإعلام، ومن كل شيء يفسده، لتشيع فيه الفاحشة والفساد والمنكر، ويمنع من وصول الخير إليه، وهؤلاء -أيضاً- مقصرون أكبر تقصير؛ لأنهم لم يشعروا بآلام المسلمين، وقد حكموا على أنفسهم بالغيبوبة عن ذلك الجسد، أو حكموا على أنفسهم بأنهم ليسوا منه إن لم يتألموا لآلام المسلمين بالكلية، فهم إما في غيبوبة وإما في موت، ولذا يجب أن يفصل هذا الجزء وإلا أفسد باقي الجسد، ولا نود ذلك أبداً؛ فإنهم منا، ومن أبنائنا وإخواننا وفي كل مكان من مجتمعاتنا، ولذا نوجه لهم نصيحة بالتوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يستشعروا أن الله من عليهم منة عظمى، فليشكروا نعمة الله بهذا الدين، كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:164].
فيا عباد الله! إن في أيديكم جوهرة ثمينة يريد الأعداء أن يسرقوها لكي تكونوا مثلهم بلا جوهرة، وهي جوهرة الإيمان والإسلام والإحسان، وقد حرم أعداء الإسلام منها، فليس عندهم إلا نجاسة وقذارة، ولذا يحقدون علينا، وكثير من أبناء المسلمين صارت ورقة الجوهرة عندهم مظلمة معتمة، فنسوا أن معهم جوهرة فتركوها، وأوشك بعضهم أن يسلمها للأعداء ليلقيها في بحر الظلمات.
فاعرف قدر هذه الجوهرة، وهي منة الله عليك بالإسلام، وارجع إلى الله عز وجل لتعمل بالإسلام ولتعمل من أجله ناصراً داعياً إلى الله عز وجل وجندياً من جنود الله.