هذه الصحبة الصريحة تعينك على النقطة الثالثة وهي: الفهم الدقيق في المنهج، والعلم النافع والعمل بهذا العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم).
ولا يكفي الالتزام الإجمالي؛ لأن جزءاً كبيراً جداً من أسباب الخلل الموجود في الرحلة الطويلة هو بسبب قلة العلم، ووجود الجهل، وعدم فهم المسائل فهماً دقيقاً بحيث إنه في وسط الفتن المتكاثرة والدعاة على أبواب جهنم الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً فيفتون بغير علم، فلا بد لك من علم نافع بالكتاب والسنة، ولا بد أن تأخذ من القرآن يومياً، ونحن ننصح ببرنامج على مدى سنة إلى سنتين حسب طاقة الأخ في إكمال حفظ القرآن، فلو أنك تحفظ ربع جزء كل أسبوع لختمت القرآن في سنتين أو أقل من سنتين.
وهناك من يحفظ ثلاث آيات في اليوم أو أربع آيات في اليوم ومع ذلك معظم الناس لا يفقهون شيئاً، وكثيرٌ من الإخوة لم يختموا.
وإني أنصح بتفسير السعدي فهو تفسير ميسر، ويليه تفسير ابن كثير، كل يوم آيتين، ثلاث آيات، اقرأ بعد الفجر ولو عشر دقائق، كل يوم خمس آيات وبإذن الله تبارك وتعالى ستحفظ كتاب الله في أقل من ثلاث سنين أو سنتين، وسيكون عندك معرفة بتفسير القرآن العظيم الذي هو جامع لأقوال السلف رضوان الله عليهم، واعلم أنَّ تفسير السعدي من الممكن أن يأخذ عدة أشهر فقط، وتفسير السعدي تفسير سهل ومختصر ومبارك، وفيه روح الربط بالواقع.
ولا بد أن تتعلم السنة فتقرأ كتاب رياض الصالحين والكتب الخاصة بالتهذيب، ونقرأ ونتعلم السنن بجانب الكتب الصحاح، فلا بد من كتاب رياض الصالحين، وهو كتاب لابد أن ينهيه كل أخ بتدبر وترو وفهم لما فيه، وبالتزام وتطبيق عملي سريع.
وننصح بعده بصحيح مسلم مع حضور الدرس في صحيح مسلم وبذلك ستفهم السنة إن شاء الله تبارك وتعالى، ومن فاته بعض حلقاته فليسمع الأشرطة السابقة، فإن هذا الكتاب من أعظم الكتب بركة.
يلي ذلك تحصيل علوم أساسية لا بد من تحصيلها، فتقرأ اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات، وقبل ذلك علوم الدين، ولا تقل: أتفرغ لمادة واحدة؛ لأنك لست صغيراً، بل إنَّ الصغير يدرس كل العلوم.
وكذلك لا بد أن تتعلم التوحيد والعقيدة والإيمان، ولا بد أن تحصل هذه الأصول الستة وما يتفرع منها، الإيمان بالله والملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره وما يتفرع منها كالإيمان بقضاء الله والرضا به، فننصح بكتاب فتح المجيد وكتاب معارج القبول، وهذه بالكثير يستغرق تعلمها حوالى شهرين ولها أشرطة مسجلة، وبعض الإخوة فرغوها فصارت متيسرة، وفتح المجيد أيضاً في أشرطة مسجلة وعلى سيدي، ومعارج القبول أوشك أن يتم كله، ولكن يستحسن قراءته وحضور دروسه في هذا المسجد المبارك.
وكذلك في الفقه ننصح الإخوة أن يفرغوا أنفسهم من أجل أن يحضروا الدروس حتى يتعلموا أركان الإسلام، من مثل شرح منار السبيل، وكذلك إذا كنت في سفر أو كنت عاجزاً أو لم يتوفر لك وقت فننصحك بأن تستمع أشرطة هذه الدروس إن تيسر، أو قراءة كتاب فقه السنة فهو كتاب نافع ومفيد، وفيه من أسباب العلم المبارك.
وأما العلم الخامس فهو علم التهذيب وإصلاح النفس وعلم الأخلاق الواجبة، وكتاب رياض الصالحين سوف نأخذه وسوف نضيف عليه كتاب تهذيب موعظة المؤمنين، مع المراجعة للمعاني المفيدة التي أخذناها بسهولة من طريق تهذيب مدارج السالكين، وقد أخذناها من الأجزاء التي قرأناها فقط، حتى يسهل لنا قراءتها كاملاً وشرحها شرحاً متكاملاً، لكن الأكثر أهمية كتاب تهذيب موعظة المؤمنين، ومختصر منهاج القاسطين.
ولا شك أن الاتجاهات الإسلامية فيها تشعب كثير جداً، فالاتجاهات تأخذ شرقاً وغرباً والفتن ضخمة جداً، فلابد للأخ أن يكون محصناً بقواعد منهج أهل السنة والجماعة فيما يتعلق بقضايا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتغيير والجهاد في سبيل الله وفقه الخلاف، وهذه المقالات كلها سبق شرحها في شروط الدعوة من قبل عشر سنين، فينبغي للإخوة أن يدرسوا منهج أهل السنة والجماعة حتى يكونوا على بينة من المنهج وعند ذلك لا أحد يقدر أن يأخذهم ذات الشمال أو ينحرف بهم من علماء أهل البدع، فإن دعاة منهاج البدع اليوم يدعون إلى التكفير والجرأة على دماء المسلمين، والغلو الشديد، فلا بد من الحذر من ذلك، وكذلك المناهج العلمانية التي تحارب قضايا العقيدة، وهي مناهج خطيرة تؤدي إلى تمييع القضية الإسلامية، ولن نقدم لأمتنا في هذه الظروف أفضل من شخصية مسلمة، شخصية علم وعمل وسلوك وأخلاق ودعوة إلى الله عز وجل، فاحرص على هذه النقاط الأساسية، فهو زاد لك في المستقبل.
وكما ذكرت تستطيع أن تسير به مدة إلى أقرب محطة قريبة، فهو موسم من مواسم الطاعة، وليس هناك وقت لتضييع موسم طاعة، هذه الطاعة أيام تصومها وتقوم لياليها وتركز على حفظ القرآن وتلاوته مع التدبر، فلا حفظ إلا مع التدبر، وهذه نقطة ثانية في الإصلاح، فالحفظ هو الطرف الأول، والطرف الثاني: التدبر مع الحفظ، فليس فقط الحفظ هو المطلوب، بل القراءة مع التدبر هو المطلوب، فإن كنت تقرأ على الأقل أربعين آية في كل يوم قراءة تدبر وفهم وبإمرار الآية على القلوب، وتكون المعاني مفهومة فهو خير لك، فلا بد أن تتدبرها ولا تجعلها مجردة بالحفظ مع الاستطاعة.
ومن كان في نفسه ضغينة على أحد فليسامحه، فسلامة القلوب من أعظم النعم التي من الله عز وجل بها علينا، ولعل الإخوة ذاقوا من حلاوة الاجتماع والطاعة من ذلك ما يغنيهم عن المسامحة.
نسأل الله عز وجل أن يتقبل منا، وأن يغفر لنا أجمعين، وأن يمن علينا بحبه سبحانه وتعالى وحب من يحبه وحب عمل يبلغنا إلى حبه، ونسأله عز وجل أن يجعلنا من عتقائه من النار ومن المقبولين، وتقبل الله منا ومنكم وجزاكم الله خيراً.