الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فإن آلام المسلمين كثيرة في المشارق والمغارب، وفي الشمال والجنوب، دماء تسفك، وأعراض تنتهك، وخوف ورعب، وبيوت تهدم، وأموال تغتصب، وأرض تسلب من المسلمين، وبلاد تؤخذ منهم، وقد كان يعلو فيها الحق بإذن الله سبحانه وتعالى، فإذا بها يعلو فيها صوت الباطل والشرك والكفر والعياذ بالله! هذه الآلام الكثيرة كما سمعنا كانت -ولا تزال- عبر التاريخ موجودة، وإنما نذكر بعضها ونستحضر باقيها حتى نؤدي شيئاً من النصح للمسلمين، فإن من لم يشعر بآلام المسلمين، ولم يستحضر ما هم فيه من الهم والكرب والحزن والبلاء؛ يحكم على نفسه بالانفصال عن ذلك الجسد، أو أن هذا الجزء قد مات من ذلك الجسد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ومن النصيحة للمسلمين أن تتألم لآلامهم، وأن تفرح لأفراحهم، وأن تهتم لهمومهم، لا أن تجلس في بيتك مع أهلك وأولادك مطمئناً وتنسى آلام المبعدين الغرباء، وتنسى آلام المحرومين الجائعين العراة، وتنسى آلام المشردين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق أو أسروا بعيداً عن أهليهم وأحبتهم، وتنسى أولئك الخائفين الذين يأتيهم من أنواع الخوف والهلع ما الله عز وجل أعلم به.
إن ذلك ليقتضي منا بلا شك -على الأقل إذا عجزنا- أن نمد لهم يداًَ بالمساعدة، وألا تكون قلوبنا جامدة قاسية عن الشعور بآلامهم، علها تتحرك في صدق بالدعاء وطلب النجاة لهم من الله المؤمن المهيمن سبحانه وتعالى.