دعاء الأنبياء يغير وجه الأرض

وانظر إلى دعوات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كيف غيرت وجه الحياة على وجه الأرض؟ بل غيرت الأرض والسماوات، فهذه دعوة نوح عليه السلام: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح:26] فاستوجبت غضب الرب على قوم نوح حتى فتح الله عز وجل أبواب السماء، {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر:11 - 12]، فتغير وجه الحياة على وجه الأرض إلى آلاف السنين بنجاة نوح عليه السلام ومن معه، لذلك نقول: إن شهود معاني الإيمان هي: أن تكون حاضرة في القلب، وحتى يتغير الإنسان فلابد من شهود القدر وشهود التقصير الباطل، وستجد في هذا المقطع من هذه السورة ذكر الأسماء والصفات كثيراً جداً في كل المواطن، ومعاني الإيمان كلها حاضرة لمن يحضر قلبه مع هذه الآيات ولمن ينتفع بها، فإذا كان التغيير من جذور القلب ثقلت الكفة أمام الهباء؛ لأن الكفرة والمنافقين كالهباء، ولا قيمة لهم ولا وزن، ولكن المصيبة الآن أن الكفة الأخرى فيها أيضاً ما يماثل الهباء، فلذلك لا تثقل الكفة، لكن لو أن قلة فقط تتغير التغير المطلوب لتغير موازين الأرض كلها، وموازين الكون بأسرها بإذن الله تبارك وتعالى.

فلذلك كان شهود المعاني التي أرشدنا القرآن إليها والدروس المستفادة من واقعة أحد، لابد أن نستفيد منها، وأن نشهد المعاني الإيمانية التي وردت في كتاب الله عز وجل: ((قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ))، فلابد للإنسان أن يستحضر هذا المعنى بقوة شديدة ((إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ))، وهذا متكرر في مواطن كثيرة قال تعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ * وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود:121 - 123]، فإذا استحضره استصغر كل قوى الباطل، وشعر أنهم يلعبون، {فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} [الطور:12]، لعب لا قيمة له، ولكن الذين آمنوا هم يلعبون أيضاً، فالقضية عند المسلمين اليوم قضية تغيير مظهري فقط، تغيير ليس ضارباً بجذوره في أعماق القلوب، فلم تتغير الأعمال والقلوب والأخلاق كما ينبغي، فما زال التغيير سطحي.

إذاً: لابد من شهود القدر الشهود النافع الذي لا يعني: إهمال الأسباب التي في مقدمتها الأسباب الباطنة التي هي أعمال القلوب، ومتى ما استقر هذا في القلب لابد أن تتحول الموازين بإذن الله تبارك وتعالى، ونسأل الله العافية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015