لا يكفي أن تقف موقف المتفرج المشجع، وأنت ترى الصراع الشديد في كل مكان أعداء للإسلام، خصوصاً من قبل اليهود فإنك تجدهم من وراء كل مكر بالإسلام وأهله، وكل أنواع الكفار تجد تعاونهم مع اليهود من أجل كيد المسلمين في المشارق والمغارب، والله، وهذا الكيد لا يمكنك أن تقف فيه وقفة المتفرج، وتقول: ماذا يعنيني! أنا أريد أن أكون ملتزماً في نفسي.
بل لا بد أن تنصر الله بنصرة الدين، وتنصر رسوله صلى الله عليه وسلم بنصرة سنته.
فإن قلت: ماذا أصنع؟ فنحن لا نستطيع أن نصنع للمسلمين شيئاً ولا نستطيع أن ننصر المسلمين المستضعفين في الأرض التي اغتصبها العدو فماذا نعمل؟ لا، بل أنت تستطيع الكثير، وذلك أن نصرة الدين ليست مختصة فقط بأرض معركة مع الكفار، فنصرة الدين تكون في كل موطن يحدث فيه منازعة، حتى في داخل نفسك، بين نفسك الأمارة بالسوء والشيطان من جهة، وبين أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم من جهة أخرى، واعظ الله في قلب كل مؤمن: يعظك بأن تلتزم بدينه وأوامره، ويجعلك في صراع داخلي، ولذلك يسمى هذا النوع: جهاداً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله).
نعم، يجاهد الإنسان نفسه وهذا درجة من درجة الجهاد، بل يبنى عليه الجهاد الأصل، وهو الذي يفتح الباب له، فلا بد أن تنصر الله أولاً في نفسك بأن تتعلم الدين، وتترك هذا الكسل والتواني والتأخر والتخلف عن معرفة هذا الدين.
وكذلك تنصره بالعمل به، وبالدعوة إليه وبالصبر عليه في كل معاملة تعامل الناس فيها، لم تقصر أمر النصر على أنك تمسك سلاحاً فقط؟ إن نصرة الدين تكون في كل معاملات تعامل الناس فيها وتجد الدين مبعداً عن الحياة، فانصر الدين بإحيائها، وأنت كل يوم ترى من المنكرات ما تراه، فلا بد أن تنصر الله بأن تنصر هذا الدين في نفوس من حولك من الناس، وتنكر هذا المنكر، كما قال سبحانه: ((إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) فبقدر نصرة الدين بقدر ما تنصر أنت.
لماذا نعجز عن تغيير الواقع الذي يعيشه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إلى ما نحب من إعلاء الدين وإظهاره وانتصاره على الكفرة؟ لأننا فرطنا في نصرة الدين، فوعد الله لا يخلف، ولو أننا نصرنا الدين في كل موطن نجد فيه معركة بين الالتزام بالدين وبين أعداء الالتزام، لجاء النصر من السماء؛ هأنتذا ترى الشبهات والشهوات في كل وقت، فلو نصرنا الدين فسيفتح الله لنا من أبواب القدرة ما لا نقدر عليه الآن، وما نعجز عنه الآن، فنحن ما زلنا عاجزين؛ لأننا لم نصعد خطوات السلم كما ينبغي.
كثير منا لم يصعد السلم ورأى الباب مغلقاً، فقال: لا أستطيع، فالباب مغلق، ولن أصعد درجة السلم، لماذا لا ينفتح الباب؟ لأنك لم تصعد درجة السلم، ولو صعدت درجة السلم، وحاولت فتح الباب فسوف ينفتح، فمن عمل بما قدر عليه رزقه الله القدرة على ما لا يقدر عليه.
كثير من الناس يظن أنه يكلف ما لا يطيق، كلف مثلاً بأن يكسر صخرة؛ فيظن أنه بلا معول يكسرها؛ فينطح رأسه فيها، ويقول: أنا أصنع ما أقدر عليه، لا، ليس هذا الذي تقدر عليه؛ ولست مأموراً بأن تدني رأسك فتكسرها، لكي تقول: إنك تنصر الدين.
لابد أن تأخذ بالأسباب التي توصل إلى كسر هذه العوائق والانتصار عليها، واصعد السلم ولن يبق إلا فتح الباب؛ لأن الله وعد بذلك فقال: ((إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ)).
لماذا لا نجد هذا الأمر موجوداً؟ لأجل التقصير الذي وقع في نصرة الدين، وفي نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.